لم يغب يوماً عن جدول الأعمال الحمساوي ــ المصري ملف الأسرى الفلسطينيين، ليس لأن القاهرة هي راعي الصفقة السابقة، «وفاء الأحرار»، التي لا تزال حركة «حماس» تصرّ على إطلاق محرَّريها الذين أعيد سجنهم، وعلى أن تأخذ مصر دورها في القضية، بل لأن إسرائيل تضغط بصورة كبيرة في هذا الملف، وهذا ليس عبر مصر فحسب، بل أيضاً ألمانيا وقطر وتركيا.

وعلمت «الأخبار» أنه في آخر جولات التباحث بين «حماس» وجهاز «المخابرات العامة» المصرية، اتُّفق على أعداد وتفاصيل الأسرى المطلوب الإفراج عنهم، وطُرحت مسودة على المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر (الكابينت) للحصول على قرار بذلك وتحديد الساعة الصفر، لكن الأخير عاد الأربعاء الماضي ورفض في جلسته عدداً من الأسماء، على رأسها الأسير حسن سلامة المعتقل منذ نحو 21 سنة، وهو ما أعاد القضية إلى المربع الأول.
وكانت النقطة الخلافية المتعلقة بمحرري «صفقة شاليط» الذين أعادت إسرائيل اعتقالهم وفرض إكمال الأحكام القديمة عليهم قد انتهت إلى أن يُضمّ هؤلاء الأسرى إلى قوائم التبادل الجديدة فيما تصرّ المقاومة على ألّا يُحسم عددهم (نحو 56 أسيراً) من العدد الإجمالي المطالب به. والحجة الإسرائيلية التي نقلها المصريون كانت أنه صدرت فيهم أحكام مجدداً ولا يمكن إطلاقهم إلا بصفقة تبادل. والآن تواصل القاهرة اتصالاتها بالجانبين، المقاومة والعدو، لمحاولة حسم الملف الذي يقارب عمره أربع سنوات، وقد عادت وطلبت من «حماس» إعطاء معلومات عن مصير الجنود الإسرائيليين لديها مقابل الإفراج عن أسرى أطفال ونساء.
ويوم أمس، قال وزير المالية الإسرائيلي موشيه كحلون، خلال تواصله مع نظيره الإيطالي، بيير كارلو بادوان، إنه يجب على روما «استغلال نفوذها لإعادة الجنود الأسرى لدى حماس»، بادعاء أن أسرهم «يخالف القانون الدولي». وقال وزير الأمن أفيغدور ليبرمان، أمس، إن الشَّرطين من أجل تحسين ظروف غزة هما: نزع السلاح وإعادة الجنود الاسرائيليين.
واللافت أن «المخابرات العامة» تحاول إنجاز ملف التبادل بجانب ملفات أخرى ضمن رزمة واحدة تشمل «هدنة طويلة الأمد، وتعهداً من حماس بوقف الأنفاق والإعداد والتصنيع»، إلى جانب «جولة حوار حمساوية مغلقة مع السعودية والإمارات». في المقابل، تحصل الحركة على مكتسبات من مثيل «رفع الحصار وفتح المعابر وحرية تنقل قيادات الحركة إلى الخارج، وأهمهم إسماعيل هنية» الذي مُنع مراراً من إجراء جولة كهذه، إضافة إلى «فتح مجال الدعم المالي بشكل مؤسساتي»، وهو ما طالبت مصر مقابله بـ«تحييد التحالف مع إيران إلى حده الأدنى».
وكان الموفد المصري من المخابرات الذي زار غزة السبت الماضي، اللواء سامح نبيل، قد بحث هذه الملفات إضافة إلى وضع المصالحة وردود «حماس» على اشتراطات رئيس السلطة محمود عباس، وكذلك ضرورة وقف «مسيرات العودة» وخفض التوتر، إضافة إلى العرض الأوروبي المقدم إلى «حماس» (راجع عدد أمس). كذلك بحث نبيل التطورات الأخيرة بشأن صفقة التبادل، مشدداً على «حماس» أن ترسل وفداً من غزة إلى القاهرة.
وبينما رفضت الحركة البند الأخير طوال الأسبوع الماضي، علمت «الأخبار» أنها ستوفد نائب رئيسها في غزة، خليل الحية، إلى مصر للالتحاق بوفد قيادة الخارج الذي يصل اليوم. كذلك، نقلت مصادر مطلعة أن «حماس» أبلغت اللواء المصري أنه لا مانع لديها بإنهاء ملفات حرب 2014 بما يشمل إعادة الإعمار والأسرى وتثبيت الهدنة، لكن ضمن «حل كلي وكامل» لوضع غزة.
يشار إلى أن كلاً من مسؤول الإعلام في مكتب الاتحاد الأوروبي في القدس المحتلة، شادي عثمان، وقيادات في «حماس»، تواتروا أمس على «نفي وجود عرض أوروبي لحماس لمواجهة خطوات الرئيس الفلسطيني محمود عباس». وقال عثمان لوكالة محلية إن «الاتحاد يدعم تمكين الحكومة الفلسطينية للقيام بمهماتها بنحو كامل في القطاع... لا بديل من السلطة لأخذ دورها بالكامل وتحمّل مسؤولياتها في غزة دون أي عوائق».
إلى ذلك، علمت «الأخبار» أن وفد «فتح» الموجود في القاهرة يترأسه نائب رئيس الحركة محمود العالول، ومسؤول ملف المصالحة عزام الأحمد. وبينما سيتلقي الوفد الفتحاوي مسؤولين مصريين ووفد «الجبهة الشعبية»، لم يظهر في جدول أعماله أي لقاء مع «حماس» بعد.