غزة | بعد إبلاغ الفصائل الفلسطينية، المصريين، رفضها استمرار المماطلة في عملية إعادة إعمار قطاع غزة، هروَل هؤلاء مجدّداً إلى القطاع، في محاولة لإعادة تثبيت الهدوء، في وقت ترفض فيه فصائل المقاومة منْح الوسطاء المزيد من المُهل، بينما لا يُسجَّل أيّ تغيير في الوضع الحالي. ووصل، أمس، وفدان مصريان إلى غزة، الأول هندسي دخل عبر معبر رفح، ضمن جهود اللجنة المصرية لإعادة إعمار القطاع، وبرفقته فرقٌ إعلامية لتغطية انطلاق المرحلة الثانية من العملية؛ أمّا الثاني فأَمْني، دخل عبر معبر «إيريز - بيت حانون»، للقاء قيادة حركة «حماس»، ومن ثمّ عقْد اجتماع يشمل الفصائل كافة.وفي هذا الإطار، علمت «الأخبار» أن المصريين حملوا طلباً إسرائيلياً إلى المقاومة بالامتناع عن التصعيد في الضفّة الغربية المحتلّة، محذّرين من أن استمرار العمليات هناك سيؤدّي إلى عودة إسرائيل إلى سياسة الاغتيالات في غزة والخارج، خصوصاً ضدّ مَن تكون لهم صلة بالعمليات في الضفّة. في المقابل، أفادت مصادر «الأخبار» بأن حركة «حماس» أعربت للمصريين عن امتعاضها من تملّصهم من الوعود التي كانوا قطعوها لمصلحة القطاع، وخصوصاً في ما يتعلّق بالعمل في معبر رفح، لجهة مرور الأفراد، وربطاً بالجانب التجاري أيضاً، إذ لم تحدُث أيّ تطوّرات أو تحسينات في ذلك المجال. وبحسب الكاتب السياسي المقرّب من الحركة، مصطفى الصواف، فإن «الزيارة الحالية تأتي لذرّ الرماد في العيون، ولا تحمل جديداً». وأشار الصواف إلى أن «الهدف من الزيارة تفقُّد ما يُسمّى بالمشاريع المصرية في القطاع، وهي ليست من مهامّ الوفد الأمني، رغم أن الملفّ الفلسطيني برمّته من اختصاص المخابرات المصرية، ولكن لا ضير، هكذا تُدار الملفّات مع مصر في ما يخصّ غزة».
وجاءت الزيارة المصرية لغزة بعد سلسلة من اللقاءات السياسية التي عقدتها الفصائل الفلسطينية لتباحُث الأوضاع في القطاع، وكان آخرها لقاء حركتَي «حماس» و»الجهاد الإسلامي»، اللتَين حذّرتا، في بيان مشترك، من أن صبر المقاومة آخذ في النفاد، جرّاء مماطلة الاحتلال في رفع الحصار، وكذلك ممارساته في القدس والضفة.
وكانت قيادات عسكرية في «كتائب القسام» - الجناح العسكري لحركة «حماس»، و»سرايا القدس» - الجناح العسكري لحركة «الجهاد الإسلامي» -، قد شاركت في اجتماع للمستويَين السياسي والعسكري، وقدّمت عرضاً لتطوّر قدرات المقاومة الفلسطينية، ولسيناريوات التصعيد. كما استعرضت أمام القيادة السياسية آليات التنسيق العسكري بين الطرفَين، ومع مختلف الأجنحة العسكرية، بالإضافة إلى الخطوات التي من شأنها تعزيز إمكانات المقاومة، ورفع مستوى التنسيق بين أجنحتها. وناقشت حركتا «حماس» و»الجهاد»، أيضاً، الترتيبات الخاصّة بالمناورة التي تعتزم الغرفة المشتركة لعمليات المقاومة تنفيذها، بمشاركة الوحدات القتالية لأذرُعها كافّة في القطاع. وفي هذا الإطار، شدّدت الحركتان على أهمية عمل الغرفة المشتركة في إدارة الميدان، والاستعداد لمواجهة التهديدات الصهيونية.
في مقابل ذلك، بدأت تَظهر تحذيرات إسرائيلية من حالة التوافق هذه؛ إذ نبّه المحلّل العبري، إيهود يعاري، إلى أن «الساحة الفلسطينية تشهد منعطفاً سياسياً مهمّاً يتمّ تجاهله في إسرائيل، سواءً بسبب نقص المعرفة، أو عدم الاهتمام»، مشيراً إلى «الحديث عن تحالف يتشكّل لأول مرّة بين حماس والجبهة الشعبية، وهو تحالفٌ بين المسلمين المتديّنين وأولئك الذين تعلّموا الفكر الماركسي». وإذ اعتبر أن «هذه العملية تتسبّب بقدر كبير من الصداع لأبو مازن ومساعديه في فتح»، فقد لفت إلى أنهم «يبدون عاجزون جدّاً، في هذه المرحلة، عن إيقاف هذا الزفاف، والذي كان حتى وقت قريب يُعتبر خيالياً ومستحيلاً».
ميدانياً، واصلت المقاومة الفلسطينية تجاربها الصاروخية، بإطلاقها أمس 14 صاروخاً تجريبياً تجاه البحر. وجاء ذلك في وقت ذكر فيه محلل الشؤون العسكرية في صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، أليؤور ليفي، أنه «من المتوقّع أن تصل المقاومة في غزة، إلى نقلة نوعية في إطلاق الصواريخ، بما يجعلها تُطلق أكثر من 200 صاروخ في الرشقة الواحدة، خلال المعركة المقبلة، من أجل تحدّي منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية، بعدما كانت تُطلق أكثر من 100 صاروخ في الرشقة الواحدة، في غضون دقائق، على هدف واحد كما حدث في المعركة الأخيرة».
وبحسب المحلّل العبري، فإن «المقاومة الفلسطينية، وخصوصاً حركة حماس، تُحسِّن من قدراتها في مجال دقّة الصواريخ، وتطوير تصنيع الطائرات المُسيّرة بدون طيار، وكذلك الحرب الإلكترونية (السايبر)، التي ستحاول من خلالها تعطيل عمليات الجيش الإسرائيلي ونظام القبة الحديدية، فيما يتدرّب عناصر الكوماندوز البحري على طرُقٍ مختلفة في البحر، سواءً من خلال الغَوص لمسافات طويلة، أو استخدام الزوارق السريعة التي يمكنها الاقتراب من منصّات الغاز، أو الشواطئ الإسرائيلية، ومن هناك إطلاق صواريخ الكورنيت عليها». وتُخطّط حركة «حماس»، وفق ليفي أيضاً، لـ»إدخال سيارات مفخّخة لتفجير الجدار الأمني واختراق الحدود، بشكل سريع، والدخول من خلال الفتحات التي تحدثها الانفجارات، لتوزيع القوّة في عدّة اتجاهات، وخطف إسرائيليين».