ليل أمس، أعلن المكتب الإعلامي في وزارة التربية أنه «حرصًا على صحة التلاميذ و​الطلاب​ وأهاليهم، وبعد التشاور مع وزير الصحة العامة حمد حسن، وكإجراء احترازي، يطلب وزير التربية والتعليم العالي ​طارق المجذوب​ من جميع المؤسسات التعليمية من روضات ومدارس وثانويات ومعاهد مهنية وجامعات الإقفال ابتداء من صباح السبت (اليوم) حتى مساء الاحد المقبل (8 آذار)، على ان تتابع بعدها المستجدات الصحية ليبنى على الشيء مقتضاه». القرار يأتي في ضوء التطورات المتعلقة بشأن فيروس «كورونا»، وهو بحسب مصادر مطلعة قابل للتجديد بناء على عدّاد الاصابات التي قد تسجل خلال الاسبوع المقبل.وكانت، أمس، تصاعدت الدعوات لإقفال المدارس والجامعات، أسبوعين بالحد الأدنى، تحسباً من عدوى «كورونا». بعض أهالي التلامذة أصابهم الهلع نتيجة تعاطي الدولة اللامسؤول مع تطور الفيروس على قاعدة «دبّر راسك»، فاستعانوا بـ«التثقيف الذاتي» لعدم إرسال أولادهم إلى الصفوف. إلاّ أنّ قلة من هؤلاء تجرأت على تحمل مسؤولية اتخاذ مثل هذا القرار الشخصي، في وقت تسير الدراسة بشكل طبيعي في المدارس. الأمثل بالنسبة إليهم إعلان حالة طوارئ رسمية اليوم قبل الغد ريثما تنجلي المعطيات الطبية بشأن الفيروس. وكانت مجموعة من الأساتذة ناشدت وزير التربية طارق المجذوب التعطيل بضعة أيام للتخفيف من الخطر المحتمل. وقد وجهت كتاباً إلى الوزارة تحدثت فيه عن «رعب غير مسبوق ينتاب التلامذة وعدم تعاونهم وأهاليهم مع محاولات التوعية واحتواء حالات الهلع»، فيما لم يأت التعميم الخاص بالتدابير الإحترازية بالنتائج المرجوة، نظراً للخوف الدائم من أن يكون تلميد احتك بمصاب في صف أو في ملعب أو في باص. وبرزت دعوة للتيار النقابي الى إغلاق المدارس لكون الأهالي يقفون عاجزين ومرتبكين إزاء الحماية من الفيروس وسط تخبط السلطة ومؤسساتها في معالجة الأزمة.
بعض الشائعات التي تحدثت خلال اليومين الماضيين عن اشتباه بإصابات بـ «كورونا» في هذه المدرسة أو تلك أحدثت أيضاً بلبلة في دوامات المدارس، فيما تفاوت تفاعل إدارات المدارس الرسمية مع الأزمة المستجدة. ثمة مديرون جاهروا بالمطالبة بالإقفال وإلغاء أيّ تجمع، فيما دفعتهم حالة الهلع التي فرضوها في مدارسهم إلى إخراج التلامذة من الصف وإبلاغ أهاليهم لاصطحابهم لمجرد أنّهم عطسوا! وآخرون لا يجدون في كل ما يحدث أكثر من «زوبعة إعلامية» لا تستحق هذا الاستنفار، والمبالغة في شراء مواد التعقيم والتنظيف، ولا سيما مع وجود صناديق مدارس «خاوية» لم يصلها أي قرش هذا العام، ووسط ارتفاع هستيري للأسعار.
شائعات عن اشتباه بإصابات بـ «كورونا» في بعض المدارس أحدثت بلبلة في الحضور


هي قناعة بقي هذا البعض اللامبالي متمسكاً بها حتى بعد اللقاءات التي نظّمتها وزارة التربية في بيروت والمناطق، وشارك فيها المرشدون الصحيون بهدف نشر الوعي الصحي حول «كورونا»، وتوحيد الرؤية لدى مديري المدارس والمعلمين تجاه التعاطي مع الوباء الداهم.
وبين هذا المدير وذاك، خرجت أصوات دعت إلى توخي الحذر بالحدّ الأدنى، «فلا الهلع مطلوب ولا التجاهل مطلوب أيضاً». ويقترح أصحاب هذا الرأي تعطيل صفوف الروضات بالحد الأدنى حيث التلامذة غير قادرين على الاهتمام بنظافتهم الشخصية.
لا خطة تربوية استثنائية بعد للتعاطي مع ظرف استثنائي. الأمر متروك لكل مدير مدرسة لتقدير المسألة وفق قناعاته الشخصية والسياسية وإمكانات مدرسته المادية، إذ يمكن أن ترى البعض يقوم باستبيان يومي لجمع المعلومات حول وضع التلامذة ونسبة الغائبين منهم، ويجري التواصل مع الأهل للسؤال عن أسباب الغياب، والتي يتصدرها الخوف من العدوى. ومع ذلك، ثمة مصادر مديرين تقول إن تحريك جهاز الإرشاد والتوجيه، ولا سيما الدائرة الصحية في محله والإجراءات مقبولة حتى الآن، ولا سيما لجهة الإصرار على جمع تقارير دقيقة عن نسبة الغياب والتشدد في الطلب إلى المديرين بعدم إعادة تلميذ مريض إلى صفه إلا بموجب تقرير طبي.
في المقابل، يكتشف مديرون آخرون، بالصدفة وفي نهاية اليوم الدراسي، أنّ أحد تلامذتهم قد يكون اختلط مع زائرين عائدين من إيران أو من أي من الدول التي سجلت إصابات بالفيروس. تستغرب معلمة في إحدى ثانويات الضاحية كيف أن المدير يسمح للمرشد الصحي بأن يغيب في مثل هذه الظروف الاستثنائية، وأن يطلب من عاملة النظافة استخدام كوب صغير من «الديتول» لتعقيم كل المدرسة بحجة عدم وجود أموال، فيما تفتقر المراحيض إلى الصابون و«الكلينكس».
بعد التعميم 7 الذي أصدره وزير التربية في 21 الجاري الخاص بالارشادات، أطلقت الوزارة بالتعاون مع وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونيسف «حملة التوعية ضد فيروس كورونا من خلال الدورات التأهيلية والتدريبية التي تشمل كل مديري المدارس الرسمية والمؤسسات التربوية والمهنية والجامعية»، وأنتجت فيديو وملصقات وبوسترات في هذا المجال.