تشهد الأيام القليلة المقبلة سلسلة واسعة من الاتصالات السياسية والدبلوماسية تتعلق بملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة، وسط استمرار المساعي الأميركية لإقناع القيادات الرسمية اللبنانية بإصدار مواقف ترفض تحذيرات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. وتؤكد مصادر رسمية أن لبنان لم يتبلغ بعد بموعد أيّ زيارة للوسيط الأميركي عاموس هوكشتين الى لبنان، لكن أشارت إلى «مناخات إيجابية»، وأقرّت، للمرة الأولى، بأن خطاب نصر الله كان له أثره في دفع الجانبين الأميركي والإسرائيلي للتقدم خطوات الى الأمام، مع توقعات بخروج كلام أميركي إلى العلن يساعد في «توضيح نقاط التقدم».كما أن السفير المصري في بيروت ياسر العلوي، الذي تبدي بلاده اهتماماً بالاستقرار في شرق المتوسط كونها مرشحة لدور مركزي في بيع الغاز المستخرج من هذه المنطقة وتقود تحالفاً مع اسرائيل وقبرص واليونان، أجرى اتصالات مع عدد من المسؤولين اللبنانيين غداة عملية المسيّرات ناقلا رسالة تفيد بأن«كل المعنيين بملف الغاز في البحر المتوسط، بما فيهم اسرائيل، لا يريدون التصعيد، والجميع يريد حلاً من خلال المفاوضات يكون منصفاً للبنان».
علماً أن المصريين حاولوا سابقاً اقناع لبنان بالانضمام الى هذا التحالف وعدم الاتكال على المحور التركي - الروسي.
وسمع سفراء دول أجنبية من مراجع لبنانية أن موقف نصر الله يعكس ضمناً موقف الكثير من القيادات الرسمية التي ترى أن إسرائيل تناور بدعم أميركي لمنع لبنان من تحصيل حقوقه ليس في ملف الترسيم فقط، بل في المباشرة بعمليات التنقيب والاستخراج.
وفي هذا السياق، أبلغت السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو رئيس المجلس النيابي نبيه بري أن شركة «توتال» الفرنسية ستكون جاهزة لمباشرة العمل في الجانب اللبناني من الحدود البحرية بمجرد الإعلان عن توصل لبنان وكيان الاحتلال الى اتفاق على ترسيم الحدود. وأوضحت السفيرة الفرنسية أن الشركة الفرنسية لا تريد العمل في منطقة توتر أو خلاف، وهي كغيرها من الشركات العالمية تريد ضمان الاستقرار الأمني والسياسي في منطقة عملها.
وعلمت «الأخبار» أن الجانب الفرنسي مهتم بطمأنة لبنان الى أن العالم يريده أن يحقّق مكاسب مباشرة من الثروة النفطية، وأن النقاش على صعيد الشركات العالمية المعنية بالتنقيب والاستخراج لامس حدّ تقديم عرض للبنان بشراء كميات من الغاز والنفط قبل استخراجها، ضمن برنامج دفع يستفيد منه لبنان لتعزيز وضعه ماليّته العامة، أو لمساعدته على عقد اتفاقات لقروض جديدة.
سمعت الجهات الدولية كلاماً واضحاً بأن المقاومة أنجزت الاستعدادات العملانية لمواجهة الاعتداء على حقوق لبنان


في هذه الأثناء، واصلت جهات دولية محاولة استشراف الحدود التي يمكن أن يذهب إليها حزب الله في هذا الملف، وخلفية موقف نصر الله وأبعاده، وقد سمعت كلاماً واضحاً مفاده التأكيد مجدداً أن الحزب لا يرفع معادلة «كاريش مقابل قانا»، بل «كامل حقوق لبنان في حقوله مقابل كل حقول الغاز والنفط قبالة السواحل الفلسطينية». وتبيّن لهذه الجهات أن معادلة «ما بعد كاريش» هدفت الى تعطيل مناورة كان العدو يفكّر في اللجوء إليها، وتقضي بتجميد العمل في حقل «كاريش» ربطاً بالمفاوضات مع لبنان، مع مباشرة العمل في حقول أخرى جنوب «كاريش»، وهو أمر لو تم، لكان على لبنان انتظار عشر سنوات قبل الحصول على إقرار بحقوقه، ما دفع المقاومة إلى الإعلان بصراحة شديدة أن المعادلة لا تخصّ حقل «كاريش» فقط، بل كل الحقول قبالة سواحل لبنان وفلسطين المحتلة. وقالت مصادر مطّلعة إن الجهات الخارجية التي تتواصل لمعرفة الوقائع المستجدة سمعت كلاماً مباشراً بأن الخطوة الثانية من قبل المقاومة ستتجاوز «كاريش» بإبلاغ العدو وكل المعنيين، بوضوح، أن العمل في تلك الحقول يجب أن يتوقف أيضاً حتى التوصل الى الإقرار بحقوق لبنان كاملة.
كذلك سمعت الجهات الدولية كلاماً واضحاً بأن المقاومة أنجزت الاستعدادات العملانية الكفيلة بتنفيذ خطة مواجهة الاعتداء على حقوق لبنان، وأن أمام العالم بضعة أسابيع فقط قبل اللجوء الى خطوات إضافية وبتصعيد أكثر وضوحاً وتأثيراً، لمنع العدو من الاعتداء على حقوق لبنان من جهة، ومنعه من استخراج الغاز والنفط في حال استمرار منع لبنان من ذلك. وكان لافتاً ما نقل عن لسان قيادات في قيادة قوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب عن استنفار أمني استثنائي من جانب قوات الاحتلال على طول الحدود البحرية لمواجهة احتمال حصول عمليات جديدة من خلال طائرات مسيّرة، كما فعّل العدو منظومة رادارات واسعة، إضافة الى منظومة دفاع جوي على طول الساحل الممتد من جنوب فلسطين إلى جنوب لبنان.