طرح الرئيس نبيه بري حوار الأيام السبعة تمهيداً لجلسات انتخاب مفتوحة، اتخذ مساراً إيجابياً لجهة اتضاح مواقف الكتل النيابية التي صبّت غالبيتها لمصلحته. ومع بدء العدّ العكسي لعودة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، برز السؤال عما إذا كان بري سيدعو إلى الحوار قبل وصوله أم بعد الزيارة؟ ولا سيما أن بري سأل السفير الفرنسي الجديد هيرفي ماغرو عن موعد الزيارة، فأجاب السفير بأن «لا معطيات رسمية لدينا، لكنها انطلاقاً من الحادي عشر من الشهر الجاري».وبرز في الأيام الماضية معطى مهم تمثّل في وجود «نعم» كبيرة للحوار مقابل «لا»، باتت محصورة في حزبَي الكتائب والقوات اللبنانية، ومعهما عدد من النواب المستقلين. لكن البارز أن الـ«نعم» لم تبق محصورة بالكتل النيابية، إذ كان الأهم بينها موقف البطريرك الماروني بشارة الراعي، الذي دعا النواب إلى المشاركة من دون شروط، ما خلق إرباكا كبيراً لدى المعارضة التي ساق نوابها حملة ضد بكركي، ثم اضطروا إلى التراجع عنها لاحقاً. وتبين أن كلام بكركي، معطوفاً على موقف الحزب التقدمي الاشتراكي الداعم للحوار، أربك بعض النواب المستقلين الذين أجّلوا حسم موقفهم. ووفق الأرقام، جمع بري في سلّته حتى الآن حوالي 91 نائباً من الكتل المؤيدة (حزب الله، حركة أمل، المردة، الاعتدال، التوافق الوطني، التيار الوطني الحر، الاشتراكي، الطاشناق وعدد من المستقلين)، مقابل 29 نائباً معترضاً (قوات وكتائب وتجدّد) ومعهم أيضاً نواب تغيير ومستقلون.
حتى اللحظة، حسم أربعة من أصل 12 نائباً «تغييرياً» قرارهم بعدم المشاركة، وهم: وضاح الصادق، ميشال الدويهي، مارك ضو وياسين ياسين، الذي حرص على تمييز موقفه عن الثلاثة الأوائل، قائلاً لـ«الأخبار»: «المقاطعة ليست في سياق الاصطفاف مع فريق في البلد ضد آخر، إنما انطلاقاً من احترام الدستور الذي لا يتحدّث عن حوار يسبق انتخاب رئيس الجمهورية». وفيما تجنّبت النائبة نجاة صليبا الإعلان عن موقفها من دعوة بري، أكد النائب إلياس جرادة دعمه مبادرة بري وحضوره لجلسات الحوار التي اعتبرها «ضرورية لمدّ الجسور بين الأفرقاء». وعُلم أن النائبين نعمت افرام وجميل عبود لم يحسما أمريهما بعد، مع الإيحاء بأن تلبية الدعوة ليست مستبعدة، انطلاقاً من «المصلحة الوطنية التي تحتّم الاستعجال في انتخاب رئيس للجمهورية». أما على صعيد نواب صيدا - جزين، فلم يُعرف بعد توجّه النواب: أسامة سعد وعبد الرحمن البزري وشربل مسعد.
مع ذلك، لا تزال الأجوبة عن الأسئلة غير شافية: هل يكتفي بري بالكتل المؤيدة، بمعزل عن الأطراف الأخرى، متسلّحاً بموقف البطريرك الماروني أم يتراجع عن الدعوة؟ وهل تأتي دعوته في سياق دفع كرة المسؤولية عنه ورميها في ملعب رافضي الحوار بعد تلويح الدول الخمس بفرض عقوبات على المعطلين؟ وهل الدعوة الى الحوار منسقة مع الفرنسيين، أم هي عامل داعم لمبادرتهم، وهل لديها غطاء دول اللجنة الخماسية أم لا؟
تقول مصادر مطلعة إن تأييد الغالبية النيابية للحوار، من بينها كتلة سنية واسعة أراحت رئيس المجلس وفقَ ما نُقِل عنه، يعكس وجود اعتراض خارجي على الدعوة. وقد تركت الزيارة الأخيرة للسفير السعودي وليد البخاري لبكركي انطباعاً بوجود تأييد لموقف البطريرك.
مع ذلك، تبقى هناك أسئلة حول من يترأس الحوار، علماً أن مصادر قريبة من عين التينة قالت إن بري اقترح على لودريان سابقاً أن يترأس نائبه الياس أبو صعب طاولة الحوار، باعتبار أن بري هو طرف ولن يكون حاضراً بل سينوب عنه النائب علي حسن خليل، ليفاجأ بعد ذلك بأن أبو صعب لم يكُن من الشخصيات التي شملتها دعوة لودريان الى الحوار، وهو ما استغربه بري نفسه.