تَعتبر «قسد» أن إعادة إحياء مُنافس عشائري لها في الرقة يهدّدها بالإقصاء نهائياً من المحافظة
وتعمل الولايات المتحدة، حالياً، على تحديد شكل نشاط «ثوار الرقة»، والذي يتراوح بين العمل لصالح الإدارة الأميركية بشكل مستقلّ عن «قسد»، أو الاندماج شكلياً مع الأخيرة على أن تضْمن واشنطن عدم انقلاب «الإدارة الذاتية» عليه، وفي المقابل ألّا يحاول هو الاستفراد بمحافظة الرقة. وإذ يبدو أن الخيار الثاني هو الأقرب إلى التطبيق على رغم التاريخ الدامي الذي يَجمع الطرفين، فإن المصادر المُشار إليها أعلاه تَعتبر أنه إذا ما ذهبت واشنطن نحو الاستفادة من أبناء العشائر لاسترضاء أنقرة، مستندةً إلى تجربتها مع فصيل «جيش سوريا الحرة» المنتشر في مخيم الركبان، فإن «قسد» تكون قد تعرّضت لـ«الخيانة الأميركية» التي تحدّث عنها قبل أسبوعَين قائدها، مظلوم عبدي. إذ إن الانسحاب لصالح عدو قديم لا يختلف عن الانسحاب لصالح تركيا، كما أن إعادة إحياء مُنافس عشائري لها في الرقة يهدّدها بالإقصاء نهائياً من المحافظة في حال اشتعال أيّ خلاف جديد بينهما، أو في حال ثبوت نجاح التجربة. وقد يكون السؤال الملحّ الآن بالنسبة إلى عبدي وأعوانه، هو عن الطرف الذي سيشكّل قِوام فصيل عشائري مماثل في شمال الحسكة إنْ أرادت واشنطن ذلك. وهنا، يبرز اسم أحمد الجربا، الرئيس الأسبق لـ«الائتلاف المعارض»، والذي ترأّس «تيار الغد»، وفصيل «قوات النخبة» التابع له، وكان المنافس الأشدّ لـ«قسد» خلال سنوات خلت، قبل أن يَخرج من الخريطة الميدانية والسياسية للحسكة بقرار أميركي لم يُثِر ضجّة تُذكر آنذاك.
وبالعودة إلى العلوش، فإن هذا الأخير كان قد أبدى اعتراضه على انفراد الوحدات الكردية بإدارة المناطق التي سيطرت عليها بشكل مشترك مع «ثوار الرقة»، منذ خروج «داعش» من مدينة تل أبيض. وزاد التوتّر بين فصيله وبين «قسد» مع خروج التنظيم من الرقة عام 2017، وصولاً إلى بدء «الذاتية» عملية واسعة ومفاجئة ضدّ «ثوار الرقة» في حزيران عام 2018، حيث تمكّنت من اعتقال ما يزيد عن 300 من عناصر الفصيل، فيما عمّمت أسماء بقيّة عناصره لاعتقالهم، علماً أن قِوامه آنذاك كان يتشكّل من حوالى 1700 مقاتل، كلّهم من أبناء عشائر الرقة. وفي مطلع عام 2020، سلّمت «قسد» جثّة عمار العلوش، لوالده «أبو عيسى»، بعد أن قضى الأوّل في سجونها تحت التعذيب، ما يجعل عودة مياه الوفاق بين الطرفَين إلى ما كانت عليه قبل خمسة أعوام، أمراً في غاية الصعوبة.