وعليه، فإن «قسد» ترى في التحركات الأخيرة، محاولة لتشكيل حلف إقليمي تركي- سوري - عراقي ضد «الكردستاني» و«الذاتية»، تمهيداً لفتح حدود البلدين أمام الجيش التركي لتنفيذ عمليات واسعة ضد الأكراد. وعلى هذه الخلفية، تتصاعد التحذيرات الكردية من «مؤامرة كبرى بحق كل السوريين، بعد ما ارتكبته أنقرة من انتهاكات بحق عدد من سكان المناطق السورية، واحتلال مساحات واسعة من الشمال السوري». وتكرّس وسائل الإعلام الكردية جهودها لإبراز «الآثار السلبية» للمصالحة على مناطق شمال وشرق سوريا، فيما يكثف القادة الكرد من تصريحاتهم المندّدة بخطط التطبيع، ومن بينها اعتبار «رئيسة دائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية»، إلهام أحمد، أن «أي تفاهمات بين أنقرة ودمشق ستكون بالضرورة ضد الشعب السوري، وخيانة بحق سوريا وشعبها». وفي الاتجاه نفسه، رأى «نائب الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي للإدارة الذاتية»، حسن كوجر، أن «دولة الاحتلال التركي تريد استخدام جميع الأطراف في سوريا لتحقيق أجندتها، لذلك لا ينبغي لدمشق أن تنخدع بهذه الألاعيب»، مضيفاً أن «على حكومة دمشق أن تعلم أنها إذا دخلت أي تحالف مع تركيا، فستخسر سوريا»، متابعاً أن «شعب شمال شرق سوريا لن يقف مكتوف الأيدي، وسيقاوم ضد أي تحالف مع تركيا». وأكد أنه «إن كانت دمشق مع الحوار أو تبحث عن أي اتفاق فنحن مستعدون لذلك»، مشيراً إلى أن «الإدارة الذاتية مستمرة في تواصلها مع دمشق، للتوصل إلى حلّ يحقّق استقرار المنطقة والبلاد».
مصادر: «الذاتية» طالبت دمشق بالتأكيد أنها لن تتحالف عسكرياً مع الأتراك ضدها
على أن إمكانية انخراط «الذاتية» في حوار جادّ مع دمشق، تعترضه عوائق كثيرة، أكبرها تواجد الأميركيين على الأرض واحتلالهم لمناطق منابع النفط والغاز، ما يجعل قرار الكرد بيد واشنطن. ومع ذلك، تؤكد مصادر مقربة من «الذاتية»، في حديث إلى «الأخبار»، أن «الإدارة أرسلت عبر وسطاء من أكراد مستقلين ووجهاء إشارات إيجابية إلى دمشق، حول استعدادها للحوار والتوصل إلى اتفاقات واضحة»، مشيرة إلى أنها «طالبت دمشق بضرورة إبداء موقف واضح من خطوة التقارب، والتأكيد أنها لن تتحالف عسكرياً مع الأتراك ضدهم». وتلفت مصادر ميدانية مطلعة، بدورها، إلى أن «الإشارات الإيجابية التي صدرت من دمشق وأنقرة تجاه مبادرة العراق، وما أعقبها من تأييد أميركي غير مباشر للخطوة، أوصلت رسائل إلى الأكراد بأن التحرك تجاه هذا التقارب جدي وحقيقي»، مضيفةً، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «الذاتية بدأت تشعر أنها الحلقة الأضعف، في ظل شبه الإجماع الإقليمي والدولي، على أهمية إنجاز المصالحة السورية - التركية كخطوة مهمة نحو إنهاء الأزمة السورية». وتعتبر المصادر أن «الذاتية يجب أن تستبق الأحداث وتفعّل الحوار الجاد مع الحكومة السورية، وتنزع بالتعاون معها كل الذرائع التركية لشن هجمات جديدة على شمال وشرق سوريا»، مشددة على «أهمية أن تتعظ قسد والذاتية من التجارب السابقة، وأن تكف عن التعويل على الأميركيين وتفك ارتباطها معهم، وتنخرط في التسوية التي يمكن أن تحقق لها مكاسب، في ظل المستجدات التي تنتظر الأزمة السورية، والتي لا تصب في مصلحتها مطلقاً».