strong>... إذاً فمن حسن حظّ العالم أن تكون الأزمة الماليّة ــ الاقتصاديّة قد ضربت القدرة الشرائيّة لأبنائه، لأنّ هذه الأزمة ستجنّب المجتمعات حول العالم الدخول في أزمة نفطيّة في المدى المتوسّط. هذا «التطمين ــ التحذير» أطلقته وكالة الطاقة الدوليّة أمس، وهو مبنيّ على واقع أنّ بطء التعافي من الركود سيؤدّي إلى تأخّر انتعاش الطلب المتين على الوقود الأحفوري
في تعديل يعكس خفضاً ملحوظاً للتوقّعات التي كانت قد أطلقتها في العام الماضي، قالت وكالة الطاقة الدوليّة إنّ الطلب على النفط سينمو بنسبة 0.6 في المئة بين عامي 2008 و2014، أي ما يمثّل 540 ألف برميل يومياً، ليرتفع الاستهلاك من 85.8 مليون برميل يومياً إلى 89 مليون برميل يومياً. والخفض يعدّ ملحوظاً لأنّه يعكس تراجعاً بواقع مليون برميل يومياً مقارنةً بالتوقّعات السابقة، وإذا تحقّقت توقّعات الحدّ الأدنى لنموّ الناتج المحلّي الإجمالي، فإنّ الطلب الإجمالي قد ينتهي بالتقلّص في الفترة المذكورة ليصبح 84.9 مليون برميل يومياً عام 2014.
فالتوقّعات الأساسيّة التي بُنيَ على أساسها التقرير قائمة على ترجيحات صندوق النقد الدولي للنموّ العالمي، والسيناريو الأسوأ وضعته المنظّمة للبحث في مختلف الإحداثيّات.
وقالت الوكالة في تقريرها نصف السنوي: «مقارنةً بأنماط المدى المتوسّط المقدّمة خلال السنوات الماضية، يرسم هذا السيناريو (الجديد) صورة لأزمة عرض متأخّرة».
وفي بيان مرفق بإطلاق التقرير قال المدير العام للوكالة، نوبوو تاناكا، «يتعلّق إمكان مواجهة أزمة نفطيّة جديدة في منتصف العقد المقبل أو التمتّع بوسادة مريحة من مرونة العرض بنمط التعافي الاقتصادي، والعمل الحكومي المتعلّق بالفعاليّة» الطاقويّة.
والتوقّعات الجديدة التي تفترضها الوكالة تعني أنّ طاقة الإنتاج الاحتياطيّة التي تحافظ عليها وكالة الدول المصدّرة للنفط، «أوبك»، يجب أن تسجّل مستوىً مرتفعاً صحياً يبلغ 7.67 ملايين برميل يومياً، أو ما يمثّل 8 في المئة من الطلب اليومي. وفي التوقّعات المنشورة عام 2008 كانت الوكالة تقول إنّ الطلب سيكون مرتفعاً لدرجة خفض تلك الطاقة الاحتياطيّة إلى 1.67 مليون برميل يومياً.
وهذا الأمر ضروري لأنّ ضعف الطاقة الإنتاجيّة الاحتياطيّة (الوسادة الاحتياطيّة) يدفع نحو ارتفاع أسعار النفط، ويمكن أن يؤدّي إلى نشوء ارتفاعات سعريّة هائلة لدى حصول تقلّبات في العرض، مثل الهجمات العسكريّة على المنشآت النفطيّة في العراق ونيجيريا، وفقاً للمقاربة التي تقدّمها صحيفة «Financial Times».
وبحسب التقرير ستبدأ قدرة «أوبك» الاحتياطيّة بالتراجع بعد عام 2010 مع انتعاش النشاط الاقتصاديّ، غير أنّ تلك القدرة تبقى أعلى من توقّعات العام المالي.
وعلى الرغم من أنّ الفترة الأخيرة شهدت ارتفاع أسعار النفط إلى أكثر من 70 دولاراً للبرميل بعدما كانت قد وصلت إلى قعر قارب الـ30 دولاراً في كانون الأوّل الماضي، فإنّ ذلك لا يعكس انتعاشاً اقتصادياً ونموّاً حقيقياً في الطلب بحسب الوكالة. فقد قال التقرير إنّ «النموّ الأخير في النشاط الاقتصادي قد يكون عاكساً ببساطة لعمليّة إعادة تقويم المخزونات في صناعات عديدة. ما يجعل عمليّة توقّع انتعاش اقتصادي قويّ غير مكتملة ومبكرة، ومن بين الأسباب لذلك أيضاً أنّ إلغاء القدرة الاحتياطيّة، وإلغاء رفع أعمال القطاع الخاص في العديد من البلدان العالية المديونيّة وعودة التوازن إلى الطلب العالمي، لا تزال عمليّات في مرحلتها الأولى».
غير أنّ الركود العالمي لم يؤثّر فقط في الطلب، بل تأثّر العرض أيضاً. وفي هذا السياق تقول الوكالة: «بشكل صادم، ومقارنةً بنسبة نموّ الطلب التي كانت متوقّعة في العام الماضي وبلغت 1.5 مليون برميل يومياً في المدى المتوسّط، فإنّ عرض منظّمة الدول المصدّرة للنفط يُتوقّع الآن أن يتقلّص بواقع 0.4 مليون برميل يومياً بحلول عام 2014 ليبلغ 50.2 مليون برميل مقارنةً بمستوى عام 2008».
وتحدّث التقرير عن أنّ الأسباب الأساسيّة تتمحور حول الاستثمارات النفطيّة المؤجّلة أو الملغاة، التي تعكس أرباحاً ضئيلة عندما تكون أسعار النفط منخفضة نسبياً، وفي الوقت نفسه تبقى كلفة العمل والتجهيز مرتفعة أيضاً.
ومعظم التراجع في العرض سينبع من انخفاض الإنتاج في الحقول القديمة، وتحديداً في المكسيك وروسيا والمملكة المتّحدة والنرويج. وفي البلد الثاني على سبيل المثال يتوقّع أن يتراجع الإنتاج بواقع 550 ألف برميل يومياً مقارنةً بالتوقّعات السابقة التي كانت تفيد بانخفاض يبلغ 50 ألف برميل يومياً. وهذا الأمر يجعل أنابيب النفط المختلفة تتنافس على النفط.
وفي هذا الإطار أيضاً تعاني آبار النفط الرملي الحديثة نسبياً في كندا صعوبات الاستخراج نظراً لارتفاع الأكلاف. وقد خفضت الوكالة توقّعات النموّ بنسبة 70 في المئة مع إلغاء أو تأجيل المشاريع التي لا تثبت جدوى اقتصاديّة.
(الأخبار)


التزام مرضٍ

تبدو منظّمة البلدان المصدّرة للنفط، مرتاحة جداً لجهة التوازن القائم في سوق الوقود الأحفوري. وفي هذا السياق، نقلت التقارير الإعلاميّة عن وزير الطاقة والمناجم الجزائري، شكيب خليل، قوله إنّ من الصعب جداً التفكير في زيادة إنتاج «أوبك». وأضاف إنّه لا حاجة إلى ذلك ولا مبرّر لزيادة الإنتاج إذا لم يكن هناك طلب، مشيراً إلى أنّ السوق لديها الكثير من المخزونات وذلك حتى في صهاريج تخزين عائمة. وأعرب خليل عن اقتناعه بأنّ التزام المنظّمة بخفوضات الإنتاج الحاليّة مُرضٍ، وقدّر مستوى الالتزام بنسبة 80 في المئة.