تطرّق الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عشيّة القمة التي ستجمعه بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، غداً في هلسنكي، إلى مواضيع حساسة في العلاقة بين القوتين العظميين، خصوصاً التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية، وذلك خلال مقابلةٍ له مع شبكة «سي بي أس» الأميركية، بثّت اليوم، تزامناً مع اتهام عناصر من الاستخبارات الروسية بالقرصنة في الانتخابات الأميركية. من المتوقع أن يضع اللقاء المرتقب تحت المجهر قضية اتهام موسكو بالتدخل لمصلحة ترامب في الانتخابات، مع محاولة المحققين في واشنطن الكشف عمّا إذا كان لترامب أو عائلته أو مستشاريه علاقات سرية مع الروس، خلال حملته الانتخابية التي فاز فيها بالرئاسة في 2016. وستكون ملفات سوريا وأوكرانيا مطروحة على طاولة المحادثات أيضاً، فيما سيجري التركيز على مدى الانسجام بين الرجلين.
يأتي ذلك فيما رأى ترامب في مقابلته أن روسيا والاتحاد الأوروبي والصين «أعداء» للولايات المتحدة لأسباب عدة. ترامب أوضح أنه يعتقد أن لدى بلاده «كثيراً من الأعداء». وقال: «أعتقد أن الاتحاد الأوروبي عدو بسبب ما يفعلونه بنا في التجارة... روسيا هي عدو في بعض الجوانب. الصين عدو اقتصادي، بالتأكيد هي عدو. لكن هذا لا يعني أنهم سيئون، هذا لا يعني شيئاً. هذا يعني أنهم منافسون».
وصرّح ترامب لشبكة «سي بي أس»، بأنه لا ينتظر «الكثير» من قمته مع بوتين. لكنه دافع عن قراره لقاء الرئيس الروسي رغم انتقادات المعارضة الديموقراطية، وقال في مقابلته التي ستبثّ كاملة غداً، إنه يؤمن «بوجوب عقد لقاءات مع روسيا والصين وكوريا الشمالية. لن يكون الأمر سيئاً، وربما يسفر عن أمور جيدة».

التدخل الروسي
أعلن الرئيس الأميركي في المقابلة نفسها أنه قد يطلب من نظيره الروسي، خلال قمتهما، تسليم الولايات المتحدة 12 عنصراً في الاستخبارات الروسية اتهموا، أول من أمس، بقرصنة حواسيب الحزب الديموقراطي. وقال ترامب، بدايةً، إنه لم يفكر في ذلك، غير أنه أضاف: «لكن بالتأكيد سأطرح أسئلة في هذا الصدد، ولكن مجدداً، حصل هذا الأمر خلال رئاسة أوباما».
يأتي ذلك مع إشارة مستشار الأمن القومي جون بولتون اليوم، عبر شبكة «إيه بي سي»، إلى أن اتهام العناصر الروس «يعزّز موقف» ترامب في القمة، لكنه نبّه إلى أن الروس يؤكدون أن «دستورهم يحظر تسليم مواطنين روس».
بدوره، لمّح ترامب إلى أن الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه تعرض أيضاً لقرصنة روسية، لكنه كان محمياً في شكل أفضل، من دون أن يحدد مصدر تلك المعلومات. وفي الإطار، قال: «أعتقد أن على الحزب الديموقراطي أن يشعر بالعار لتعرّضه للقرصنة. حمايتهم كانت سيّئة، وقد جعلوا أنفسهم عرضة للقرصنة. لكنني سمعت أنهم (الروس) حاولوا أيضاً قرصنة الحزب الجمهوري. لكنه كان محمياً في شكل أفضل، وقد يكون ذلك خاطئاً».
وكان مدير «أف بي آي» السابق، جايمس كومي، قد أبلغ في كانون الثاني/يناير مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ، أن «رسائل إلكترونية قديمة العهد» للحزب الجمهوري تعرّضت للقرصنة لكنها لم تنشر، نافياً وجود أي مؤشر إلى تعرض الحزب الجمهوري للقرصنة خلال حملة ترامب الانتخابية.
من جهته، قال السفير الأميركي في موسكو، جون هانستمان، اليوم، عبر «فوكس نيوز»، إنه «ثبت ضلوع روسيا في شكل خبيث» في الانتخابات الرئاسية، محذراً من تكرار هذا السيناريو.
أضاف أنه «إذا حصل تدخل في انتخابات منتصف الولاية في تشرين الثاني/نوفمبر كما شهدنا في 2016، فلن تبقى ثمة علاقة» بين واشنطن وموسكو.
يذكر أنه أول من أمس، وجه المحقق الخاص روبرت مولر، الذي يتولى التحقيق في احتمال حصول تدخل روسي لمصلحة ترامب في الانتخابات التي جرت في 2016، الاتهام إلى 31 شخصاً، بينهم 12 عميلاً روسياً للاستخبارات وجهت إليهم الاتهامات الجمعة بقرصنة حواسيب الحزب الديموقراطي. لكن مولر يريد كشف ما إذا حصل تواصل أوسع مع روس أو أشخاص مرتبطين بروسيا قد يرقى إلى مصاف المؤامرة لتغيير مسار السباق الرئاسي.

تظاهرات ضدّ بوتين وترامب
في الأثناء، تظاهر الآلاف اليوم في هلسنكي عشية القمّة التاريخية في العاصمة الفنلندية بين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين. وتوجه المتظاهرون الذين قدّر المنظّمون أعدادهم بآلاف عدّة إلى ساحة مجلس الشيوخ، أسفل الكاتدرائية اللوثرية في هلسنكي، على مسافة قريبة من القصر الرئاسي الذي سيستضيف الرئيسين الأميركي والروسي.
خلال الاحتجاجات، رفعت لافتات تطالب بـ«احترام أوكرانيا» وتعزيز حقوق الإنسان، إضافة إلى لافتة تسأل عن مصير المخرج الأوكراني أوليغ سنتسوف، المسجون في روسيا، والذي ينفذ إضراباً عن الطعام منذ منتصف أيار/مايو.
في المقابل، عبّر نحو خمسين متظاهراً مقرّبين من حركة شبابية مناهضة للاتحاد الأوروبي، إضافة الى ناشطين في مجموعة من اليمين المتطرف، عن تأييدهم لترامب في وسط هلسنكي، بحسب وكالة «أس تي تي» المحلية. ومن المقرر تنظيم تظاهرات أصغر حجماً خلال القمة، غداً.
كذلك، قالت صحيفة «هيلزنغن سانومات» الفنلندية العريقة إنها حجزت 300 شاشة في العاصمة تبث بالإنكليزية والروسية عبارة: «سيدي الرئيس، مرحباً بك في بلد الصحافة الحرة»، في إشارة إلى تصدّر فنلندا على الدوام قائمة منظمّة «مراسلون بلا حدود» للدول التي تحترم حرية الصحافة.