تحوّلت «ساحة الوحدة الألمانية» في مدينة فيسبادن منتصف ليل أمس، إلى ساحة مواجهة بين مؤيدين ومعارضين للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والسبب تمثال للرئيس التركي وضعه فنانون موقتاً في الساحة. دفعت تلك المواجهات سلطات المدينة إلى إزالة التمثال، موضحةً، عبر «تويتر»، أنه «بالاتفاق مع شرطة المقاطعة، قرّر رئيس البلدية، زفين غيريخ، إزالة التمثال لعدم التمكن من ضمان الأمن».
وبعيد منتصف الليل، وصل عناصر الإطفاء مزوَّدين برافعة لإزالة التمثال الذهبي اللون البالغ ارتفاعه أربعة أمتار، بعد وضعه، أول من أمس، في إطار مهرجان ثقافي في فيسبادن.
بعد وضع التمثال في الساحة، تم تلطيخه بعبارات مثل «هتلر تركيا» و«حرية الصحافة». وقال متحدث باسم الشرطة لوكالة «د ب أ»، إن «جواً عدوانياً بعض الشيء» تطوّر بعد وضع التمثال، فيما أشار رئيس مجلس المدينة، أوليفر فرانتس، لصحيفة «فيسبادنر كوريير» إلى أن المواجهات اللفظية تصاعدت وأصبحت عراكاً «وشوهدت أسلحة بيضاء».
بدوره، أكّد مدير مسرح «فيسبادن»، إريك لاوفنبرغ، أن وضع التمثال جاء «لمناقشة أردوغان»، إذ إنه «في بلد ديموقراطي يتعيّن سماع كل الآراء».
في المقابل، حمّل الممثل المحلي لحزب «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف والمعادي للهجرة، إميل سينتسه، المسؤولية للمنظمين «الأغبياء» الذين «قدّموا منصة لمستبدّ يمضي وقته في إهانة الألمان».

الإفراج عن صحافية ألمانية
يأتي ذلك بعد أيّام عدة من عودة الصحافية الألمانية، ميشالي تولو، التي تواجه تهم الإرهاب في تركيا، إلى بلدها. قبيل عودتها، أكّد تولو أن «شيئاً لم يتغير» في وضع حقوق الإنسان في تركيا، حتى بعد السماح لها بشكل غير متوقع بمغادرة البلاد.
كانت محكمة في إسطنبول أمرت في كانون الأول/ ديسمبر بالإفراج المشروط عن تولو (34 سنة)، بعد توقيفها لأكثر من ستة أشهر بتهمة الانتماء للحزب الشيوعي الماركسي- اللينيني المحظور في تركيا والمصنَّف مجموعة إرهابية. رُفع عنها حظر السفر بعد تحسن العلاقات بين أنقرة وبرلين.
أكدت الصحافية أن عشرات آلاف «الزملاء والشخصيات المعارضة والمحامين والطلاب» لا يزالون وراء القضبان بعد حملة القمع التي أعقبت محاولة الانقلاب منتصف عام 2016. اعتقلت تولو في أواخر نيسان/ أبريل 2017، واحتُجزت في سجن في إسطنبول لمدة ثمانية أشهر، وكان ابنها البالغ من العمر ثلاث سنوات معها معظم الوقت.
ستتواصل محاكمة تولو في غيابها، ومن المقرّر أن تجري جلسة الاستماع التالية في 16 تشرين الأول/ أكتوبر، وهي تواجه السجن لمدة 15 عاماً في حال إدانتها، كما يواجه زوجها ستوات كورلو التهم نفسها ولا يزال محظوراً عليه مغادرة تركيا.
من جهته، أشاد وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، بالسماح للصحافية بالسفر، وقال إنها «خطوة باتجاه تحسين علاقاتنا مع تركيا».
منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا عام 2016، تتابع ألمانيا عن كثب الإجراءات «القمعية» لأردوغان بحق معارضين سياسيين وصحافيين، فقد ندّدت ألمانيا باعتقال تركيا لنحو 50 ألف شخص وإيقاف أو إقالة 150 ألفاً آخرين، منهم معلمون وقضاة وجنود بعد محاولة الانقلاب.
كذلك، يعيش في ألمانيا نحو ثلاثة ملايين نسمة من أصل تركي. ومن المقرر أن يزور أردوغان برلين يومي 28 و29 أيلول/ سبتمبر المقبل، في إطار جهود لتحسين العلاقات التي شابتها خلافات على مجموعة من القضايا خلال الأعوام الماضية.

عنف بين اليمين واليسار
أول من أمس، وقعت اشتباكات بين متظاهرين يمنيين متطرفين وآخرين يساريين في مدينة كيمنتس شرق ألمانيا، بعد اعتقال عراقي وسوري إثر واقعة قتل طعناً أدت إلى خروج تظاهرات عنيفة. في هذا الإطار، قالت الشرطة إنها استخدمت مدافع المياه بعدما أطلق الجانبان ألعاباً نارية مما تسبب في وقوع إصابات.
وإثر نزول الآلاف إلى الشوارع نتيجة الجريمة، دعا مسؤولون اتحاديون ومحليون للهدوء، فيما قال الناطق باسم المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، شتيفن زايبرت، إن ألمانيا لن تتسامح مع أي أفعال انتقامية في الشوارع.
أظهر الاضطراب مدى الانقسام في المجتمع الألماني، بعدما سمحت حكومة ميركل بدخول نحو مليون من طالبي اللجوء إلى ألمانيا في عام 2015، مما حول دفة السياسة الألمانية نحو اليمين.