خلال جلسة مجلس الأمن التي عُقدت ليل أمس بشأن سد النهضة، وهي الثانية من نوعها منذ العام الماضي، شدّدت الأمم المتّحدة على إمكان التوصّل إلى اتّفاق بين إثيوبيا ومصر السودان من خلال بناء ثقة متبادلة. في المقابل، نددت كل من مصر والسودان بممارسات إثيوبيا الأخيرة، مطالبتين بحلول أكثر ضمانة ولافتتين إلى أن جهود الاتحاد الأفريقي «فشلت».
في الإطار، أكدت المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، إنغر آندرسن، أنه يجب إرساء «أسس تعاون مستقبلي بين الدول الثلاث»، مشيرة إلى أن «الثقة والشفافية والالتزام هي أمور أساسيّة، بهدف التوصّل إلى الاتفاق».

وأضافت: «على الرغم من تحقيق تقدّم في ميادين عدّة خلال المفاوضات، إلا أنه لم يتمّ التوصل إلى أي توافق في ما يتعلّق ببعض النواحي الأساسية، خصوصاً الترتيبات الخاصّة بإدارة فترات الجفاف الطويلة الأمد».

من جهته، دعا موفد الأمين العام إلى منطقة القرن الأفريقي، بارفيه أونانغا-أنيانغا، الأطراف كافة إلى «معالجة المسألة بطريقة بنّاءة، وتجنب أي تصريحات من شأنها زيادة التوترات في منطقة تواجه سلسلة تحديات».

كما شدد على أن «كل الدول التي تتشارك مياه النيل لديها حقوق ومسؤوليات. واستخدام هذا المورد الطبيعي وإدارته يتطلّبان التزاماً متواصلاً من كل الدول المعنية، وحسن نية من أجل التوصل إلى تفاهم».

مصر: جهود الاتحاد الأفريقي فشلت
وفي إفادته أمام المجلس، لفت وزير الخارجية المصري سامح شكري، إلى أن الجهود التي يقودها الاتحاد الأفريقي بشأن السد «وصلت إلى طريق مسدود»، مطالباً بأن «يضطلع المجلس بمسؤولياته، ويتخذ الإجراءات اللازمة لضمان انخراط الأطراف في تفاوض فعّال، يفضي إلى اتفاق يحقق المصالح المشتركة».

وأردف: «نحن نطرح عليكم قراراً سياسياً ومتوازناً، وبناءً يتمثّل في إعادة إطلاق المفاوضات بقيادة الاتحاد الأفريقي، وبما يمكّن الأمم المتحدة من استخدام خبراتها».

تنديد مصري وسوداني
كذلك، حذّر شكري من أنه «إذا تضرّرت حقوق مصر المائيّة أو تعرّض وجودها للخطر، فلا يوجد أمام مصر بديل إلا أن تحمي وتصون حقّها الأصيل في الحياة وفق ما تضمنه لها القوانين».

بدورها، أفادت وزيرة الخارجية السودانية، مريم المهدي، بأن «بلادها دعمت بناء سد النهضة منذ البداية بشكل يحفظ حقوق الدول الثلاث، خاصة وأنه سيحمي السودان في مواسم الفيضان»، لافتة إلى أنه «دون اتفاق على قواعد تعبئة السد، فإن فوائده ستتحول لمخاطر على نصف سكان كل من مصر والسودان».

من جهتها، أوفدت أديس أبابا وزير المياه والري، سيليشي بيكيلي أوولاتشو، الذي اعتبر خلال الجلسة أن «الاعتراضات التي عبّرت عنها القاهرة والخرطوم لا تدور حول سدّ النهضة، وإنما تهدف بالأحرى إلى جعل أثيوبا تتوقف عن استخدام المياه»، لافتاً إلى أنه «خلافاً لمصر والسودان، فإن أثيوبيا لا تمتلك احتياطات كبيرة من المياه الجوفيّة».

يأتي هذا بعدما أخطرت إثيوبيا، الإثنين، دولتي مصب نهر النيل، مصر والسودان، ببدء عملية ملء ثانٍ للسد بالمياه من دون التوصل إلى اتفاق ثلاثي، وهو ما رفضته القاهرة والخرطوم باعتباره إجراءً أحادي الجانب.

(أ ف ب، الأناضول)