أعلنت وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، أمس، أنّ الوزارة مستعدّة لفرض عقوبات كبيرة على روسيا في حال غزت أوكرانيا، وأنّها تنسّق بشكلٍ وثيق مع حلفائها لصياغة الرّدود المناسبة على أيّ عدوان، على حدّ تعبيرها. في الوقت عينه، حذّر وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، من عودة شبح الحرب الباردة، محاولاً تأكيد دعم بلاده لأوكرانيا، بعد تصريحات الرئيس الأميركي، جو بايدن، التي أثارت في وقت سابق بعض المخاوف في كييف.
في السّياق، قالت يلين لشبكة «سي.إن.بي.سي» الأميركية: «الرئيس بايدن قال إنّنا سنفرض عواقب قاسية على روسيا إذا غزت أوكرانيا. وفي حين نأمل أن تلجأ روسيا إلى حلّ ديبلوماسيّ، فنحن على استعداد لفرض عقوبات وخيمة».

وتابعت: «واشنطن تُناقش مع الحلفاء الأوروبيّين الذين تربطهم علاقات اقتصادية قويّة مع روسيا، النّقاط التي تقلقهم بشأن هذه العقوبات، لأخذها في الاعتبار عند الردّ على موسكو».

الحرب الباردة
في سياق متّصل، حذّرت الولايات المتحدة، أمس، من أن روسيا التي حشدت آلاف الجنود على الحدود الأوكرانية، تجازف بإعادة إحياء شبح الحرب الباردة، مهدّدةً مرّة جديدة موسكو بردّ في حال توغّلها في أوكرانيا.

جاء ذلك على لسان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، في مقابلة مع قناة «زي دي إف» التلفزيونية، إذ أكّد أنّ «دخول جنود روس سيشكّل عدواناً واضحاً جداً على أوكرانيا، بغضّ النظر عمّا إذا كان يشمل جنديّاً واحداً أو ألف جنديّ».

وفي محاولة لإظهار وحدة الغربيّين، أكّدت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، بدورها أن الولايات المتحدة وحلفاءها لن يتردّدوا في التحرّك، رغم أنّ الردّ ستكون له «تداعيات اقتصاديّة على أوروبا».

من جهته، حذّر نظيرها الفرنسي، جان ايف لودريان، الروس من أي رغبة لإقامة «يالطا 2»، أي تقاسم جديد لدوائر نفوذ بين الغرب والشرق، بعد 77 عاماً على المؤتمر الذي رسم حدود أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، على حدّ تعبيره.

وتأتي هذه التصريحات خلال زيارة يُجريها بلينكن إلى برلين، حيث أجرى أمس محادثات مع حلفائه الأوروبيّين، عشيّة لقاء مهم مع الروس في جنيف، لبحث المفاوضات الأمنية التي طرحتها روسيا.

وهي تلي أيضاً تصريح بايدن، الذي تسبّب بإرباك في كييف، بعدما تطرّق إلى احتمال حصول «توغّل محدود روسي في أوكرانيا»، بدلاً من غزو شامل، ملمّحاً إلى أنه في هذه الحالة، قد يكون هنالك انقسام بين حلفاء واشنطن حول كيفية الردّ على التحرّكات الروسية، لتتالى بعد ذلك التّصريحات التي تحاول التأكيد على موقف واشنطن الدّاعم لأوكرانيا.

وتتزامن تصريحات بايدن مع ازدياد حدّة التوتّرات بين كييف وواشنطن و«الناتو» وروسيا، التي تطالب بالحدّ من التوسّع الغربي باتجاه حدودها، وترفض الادّعاءات حول أنها تستعدّ لأيّ غزو لأوكرانيا، التي تشهد خلافات معها منذ أن ضمّت موسكو شبه جزيرة القرم إلى أراضيها، معتبرةً أن لها الحق في نشر قواتها على حدودها كيفما شاءت.

وعقب التوتّرات بين روسيا والقوى الغربية، أصدرت وزارة الخارجية الروسية، في 17 كانون الأول، مشروع اتفاقية حول ضمانات أمنية بين روسيا والولايات المتحدة، ومشروع اتفاقية حول ضمان أمن روسيا والدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، تشمل الحدّ من التوسّع الغربي وعدم ضمّ أوكرانيا إلى الحلف والإبلاغ عن التدريبات الأمنية مسبقاً وغيرها.

وتمّت مناقشة هذه الاقتراحات في جنيف في العاشر من كانون الثاني، أعقبها اجتماع لمجلس روسيا وحلف شمال الأطلسي في بروكسل في 12 كانون الثاني، وجلسة للمجلس الدائم «منظّمة الأمن والتّعاون في أوروبا» في فيينا في 13 كانون الثاني.

غير أنّ هذه اللّقاءات، التي تُستأنف اليوم، لم تُثمر عن نتائج مهمّة، ولا سيّما أن موسكو أعلنت، في وقت سابق، أنه لم يتمّ التوصّل إلى تسوية حول القضايا الرئيسيّة التي جرت المباحثات من أجلها.