بعد ظهر أمس، قرر الصيداوي محمود الصوص الانتقام من أنصار الشيخ أحمد الأسير الذين اقتحموا مساء الأحد الفائت محله المجاور للمربع الأمني في عبرا وضربوه وحطموا محتويات المحل، لانتمائه إلى التنظيم الشعبي الناصري. كمن الصوص، في منطقة القياعة، لسيارة من نوع «رابيد» تابعة لشقيق الأسير، وتستخدم لتوزيع مياه الشرب، فهاجمها وكسر زجاجها. وما هي إلا دقائق، حتى اقتحم موكب سيارات الأسير السوداء منطقة القياعة وخرج من نوافذها مسلحون أطلقوا النار في الهواء. الموكب نفسه، ومن دون توقف، أقفل عائداً إلى عبرا عن طريق الهلالية واستمر عناصره في إطلاق النار. ولدى وصولهم إلى المربع الأمني، انتشر العناصر مع قناصة مقنعين على أسطح المباني وبدأوا في إطلاق النار في كل الاتجاهات. وتطور الأمر الى إطلاق قذائف «آر بي جي» في اتجاه حارة صيدا وتلة مار الياس، واستهدفت إحدى القذائف شقة تعود لحزب الله في عبرا ما أدى إلى احتراقها. كما أصاب رصاص القنص المواطن محمد إبراهيم حشيشو عندما كان في طريقه إلى منزله مع ابنه ما أدى الى مقتله، فيما اصيب ثلاثة أشخاص في القصف على الحارة. كذلك اصيب الزميل جوزيف نقولا نخلة برصاصة في رأسه ونقل إلى احد مستشفيات صيدا حيث يرقد في حال حرجة. ولم يسلم جنود الأسير من رصاص أسلحتهم. إذ سجل جرح أحدهم ويدعى عمر العاصي في عبرا.
وجابت مواكب سيارة يستقلها مقنعون خرجوا من النوافذ مطلقين النار، المستديرات والشوارع الرئيسية في صيدا. وحاول بعضهم قطع الطريق البحري ودوار مكسر العبد ودوار المرجان، إلا أن الجيش فرقهم بالقوة. وعلى جادة نبيه بري الفاصلة بين الحارة وعبرا، دخل مسلحون من الحارة إلى فيلا فضل شاكر، ما دفع بالأخير إلى الاتصال برئيس بلدية الحارة سميح الزين، طالباً منه إخراج المسلحين مهدداً بقصف الحارة ومقر البلدية ومنزل الزين. لكن قوة من الجيش سرعان ما توجهت للفيلا وأخلتها.
الحارة أيضاً لم تستطع ضبط شبانها كما فعلت سابقاً. فاستنفر شبان تابعون للحزب وحركة أمل وسرايا المقاومة بانتظار التدخل في حال تطورت الأمور. لكن أسلحتهم لم تستخدم بسبب قرار قيادتي الحزب والحركة بعدم الرد. هذا الاستنفار تبدد بعد هدوء «ثورة الأسير» مع ساعات العصر بعد إنذار قيادة الجيش للمسلحين بالانسحاب الفوري. في وقت سجل انتشار عسكري كثيف بمؤازرة فوج المغاوير الذي استدعي من بيروت وفرض طوقاً أمنياً في محيط المربع الأمني في عبرا وعلى مداخل الحارة.
في روايته لما حصل، اعتبر الأسير في بيان له أن «اعتداء مسلحاً» تعرضت له عربة لنقل المياه، تابعة لشقيقه في القياعة. «حيث حاول مسلحون تابعون لسرايا المقاومة التي تأتمر بأوامر حزب اللات قتل سائقها ومعاونه وتحطيمها، بالتنسيق مع ضابط في مخابرات الجيش. ووقع اشتباك مسلح في محيط مسجد بلال تبادل خلاله أنصارنا إطلاق النار مع عناصر الحزب المتواجدين في الشقق المدججة بالسلاح في محيط المسجد. وما هي إلا دقائق حتى بدأ سيل من عشرات الصواريخ وقذائف الهاون تنهال من ناحية حارة صيدا ذات الأغلبية الشيعية والتي يسيطر عليها الحزب و أمل على المسجد الذي ضم وقتها عددا من النساء والأطفال». وبحسب الأسير، فإن «تدخل مسؤوليين أمنيين وفاعليات دينية في المفتي سليم سوسان أدى إلى الاتفاق على تهدئة الأوضاع، بعدما تعهد المفتي بالعمل على إقفال هذه الشقق في مهلة حدها الأقصى الإثنين المقبل».
التدخلات التي أشار إليها الأسير والتي لم توصل إلى نتيجة، قادها مسؤول فرع المعلومات في الجنوب العقيد عبدالله سليم ورئيس جمعية الاستجابة الشيخ السلفي نديم حجازي اللذان نقلا إلى الجيش شروط الأسير لوقف النار وسحب المسلحين وهي إقفال الشقق وإسكان عائلات أخرى فيها. سوسان بدوره نقل هذين المطلبين إلى النائب السابق أسامة سعد الذي رفضهما جملة وتفصيلاً وتمنع عن نقلهما إلى الحزب، معتبراً أن مسألة الشقق تقع معالجتها على عاتق الدولة.
وعادت المظاهر المسلحة للظهور مع ساعات الليل في منطقة البستان وعلى أسطح مبان في شارع دلاعة. وبعد تحريات الجيش تبين بأنها عناصر تابعة للجماعة الإسلامية. وأكد مصدر أمني لـ«الأخبار» أن الجماعة لعبت دوراً في استعراض الأسير.
وينتظر أن يعقد سعد اليوم مؤتمراً صحافياً فيما اتصلت النائبة بهية الحريري بقائد الجيش، ودانت الجماعة في بيان «الاعتداءات المتمادية المسلحة لما يسمى بسرايا المقاومة على أبناء المدينة والتي لم تتوقف منذ أكثر من أسبوعين».
وكشفت مصادر فلسطينية لـ«الأخبار» أن الأسير اتصل بمجموعات في عين الحلوة طالباً مؤازرته عسكريا وإطلاق قذائف من المخيم باتجاه حارة صيدا. إلا أن الشيخ جمال خطاب وأبو طارق السعدي أجريا اتصالات مع الأسير ومسؤولي الجماعات بهدف تحييد المخيم. وتداعت القوى الإسلامية في المخيم الى اجتماع طارئ في مركز النور الإسلامي، وأكد ممثل حركة حماس في الاجتماع ان الأولوية الآن لتجنيب المخيمات الفلسطينية تبعات الأحداث الأمنية.