رغم فشل معركة دمشق في صيف 2012، كانت المعارضة المسلحة تعيش مرحلة انتعاش في ريف دمشق والشمال السوري والمنطقة الوسطى (حمص خصوصاً)، وصولاً إلى الجنوب.هذا الانتعاش، أراد له الداعم الدولي والإقليمي زخماً جديداً في الميدان لتأسيس مرحلة انتقالية تسلّم فيها الحكومة السورية والرئيس بشار الأسد جزءاً كبيراً من صلاحيته لـ«الائتلاف» المعارض. إذ عمل «أصدقاء سوريا» على زيادة تطوير قدرة المسلحين السوريين.

لذلك، استوجب البدء بتدريبات عناصر من المعارضة، وإدخال أسلحة جديدة إلى الميدان، حيث بدأت تظهر بكثافة الصواريخ المضادة للدروع المتطورة. هذا الصواريخ لم تكن فقط لضرب الدبابات والمحمولات العسكرية السورية المستخدمة براً، بل أرادها الأميركي أن تكون عنصر تعطيل للطائرات العسكرية مع حصار المطارات عن بعد كيلومترات.
وفي شباط 2013، ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، أنّ عدداً من الدول، بينها تركيا والولايات المتحدة، بدأت بإرسال سلاح نوعي إلى مقاتلين في «الجيش الحر» في درعا وعدد من مناطق الشمال السوري. وأشارت الصحيفة إلى أن «النجاحات التي حققها الثوار أصبحت ملموسة، وتتمثل بإسقاط مقاتلات ومروحيات بصواريخ تطلق من الكتف، وإحداث شلل واضح لمدرعات النظام، وربما كان ذلك بسبب الأسلحة الجديدة التي حصل عليها الجيش الحر».
وقبل شهر من تقرير الصحيفة الأميركية، تكشف الوثائق المسربة من وزارة الخارجية السعودية عن اجتماع «تبادل الآراء حول المرحلة الانتقالية في سوريا» في مدينة إسطنبول يوم ٧ كانون الثاني/ يناير ٢٠١٣ بحضور ممثلي كل من الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، مصر، الأردن، الإمارات، قطر وتركيا، إضافة إلى حضور نائبي رئيس الائتلاف الوطني جورج صبرا وسهير الأتاسي ورئيس المجلس العسكري الأعلى اللواء سليم إدريس.
وأوضح الممثل الأميركي في الاجتماع أنّ المرحلة الحالية تتطلّب «مساعدات عاجلة» لـ«الجيش الحر»، معلناً «موافقة واشنطن على تزويد المجلس العسكري بمضادات للدروع لتُسهم في قدرة الثوار على التقدم والسيطرة على المطارات السورية التي تنطلق منها طائرات النظام، وأن هذه السيطرة ستمكن الثوار من تحييد سلاح الجو».

في شباط 2013، ذكرت «واشنطن بوست» أنّ عدداً
من الدول بدأ بإرسال سلاح نوعي


بدوره، رأى الممثل البريطاني أن «المرحلة الانتقالية يجب أن تحظى بدعم، وأنّ ما يقدم حالياً ليس كافياً، فقيام حكومة مثلاً يحتاج إلى تمويل عالٍ، وهذا ما يجب التفكير فيه...»، مشيراً إلى أنّ «بيان جنيف هو المرجعية المطروحة حالياً للحل السلمي».
أما الممثل الفرنسي، فلفت إلى أنّ «بلاده مستعدة للإسهام بكل ما هو مطلوب في سبيل الانتقال إلى الحل السلمي وأنهم دعموا التوجه إلى قيام الائتلاف الوطني الذي سيكون مهيأً لقيادة سوريا في المرحلة الانتقالية».
بينما الممثل التركي، كان أكثر جذرية، فهو اعتبر أن «شواهد المرحلة الانتقالية واضحة من عدة جوانب. فالمعارضة مسيطرة على أغلب محافظتي حلب وإدلب، وهم يدعمون الحكومة الانتقالية في حال إعلانها، وأنه يجب عدم الارتهان للحل السلمي فقط، بل يجب لتحقيق الانتقال السلمي للسلطة أن تدعم المعارضة عسكرياً».
ثمّ نقلت وكالة «رويترز»، في شهر آب عام 2013، عن «مصادر استخباراتية ودبلوماسية» تأكيدها أن «الثوار في جنوب سوريا، حصلوا على دفعة صواريخ مضادة للدبابات قدمتها المملكة العربية السعودية، ما أعطى الثوار دفعة كبيرة في معركتهم ضد نظام بشار الأسد».
وكانت نائبة رئيس «الائتلاف» سهير الأتاسي قد أكدت خلال الاجتماع «حاجة الائتلاف إلى مزيد من التواصل وطرح الآراء والأفكار في سبيل ترسيخ سوريا الجديدة ما بعد نظام الأسد، وأن المقصود بذلك هو اقتناع الائتلاف بأهمية الحل السياسي... بشرط استبعاد السلطة الحاكمة من المشهد السياسي السوري نهائياً، التي تلطخت أيديهم بدماء الشعب السوري». وأضافت أنّ «الرئيس الأسد نفسه لا يرغب في الحل السياسي... وأن خطابه الأخير الذي قدم فيه مبادرته ما هو إلا مناورة مكشوفة».