أسقط محور التطبيع قائمة محاذير لدى المقاومة الفلسطينية. بعد توقيع الإمارات فالبحرين اتفاقياتهما مع إسرائيل، باتت الفصائل الفلسطينية ترى أنها في حِلّ من إلزام نفسها بالنأي عن استفزاز النظامين الإماراتي والسعودي وإزعاجهما، كخيار لم يعد مجدياً. يترجَم التوجّه الجديد بمزيد من الانخراط في التنسيق فوق الطاولة مع مختلف قوى محور المقاومة في المنطقة، في مسار يُفترض أن يأخذ شكلاً تصاعدياً، إذ على رغم حساسية أمر مماثل لدى الرياض وأبو ظبي والمنامة، أجرت قيادة حركة "حماس" لقاءات مع قيادات في المعارضة البحرينية، هي الأولى من نوعها.
دعا هنية إلى «وحدة الموقف الوطني والإسلامي في مواجهة التدافع على المشروع الصهيوني في المنطقة»(هيثم الموسوي)

في البحرين، حيث آخر حلقات سلسلة التطبيع، لم تنجح السلطات في إخفاء حجم الرفض لما أقدم عليه النظام، وهو ما ظهر على شكل بيانات صريحة لمثقفين وعلماء دين واحتجاجات في الشارع. على أن الأبرز في الحراك الشعبي الرافض للتطبيع كان قوى المعارضة، التي تؤكد أن حركة الاحتجاج لن تخمد مع الوقت بل ستتوسّع، وهو ما أبلغته مَن التقتهم مِن الفلسطينيين.
بحسب مصادر "الأخبار"، فإن لقاءات جمعت الأسبوع الماضي في بيروت قيادات من قوى المعارضة البحرينية، بينها قوى تعدّ لدى المنامة "متشدّدة"، مع قيادات "حماس" و"الجهاد" و"الجبهة الشعبية" و"فتح" و"منظمة التحرير". وأفاد مصدر في "ائتلاف 14 فبراير" بأن لقاءً جمع قيادة الائتلاف ورئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إسماعيل هنية، الأسبوع الماضي، عبّر في خلاله هنية "عن شكره لموقف شعب البحرين التضامني مع فلسطين". وأكد أن "التطبيع مع الكيان الصهيوني لن يمرّ مرور الكرام على شعوب المنطقة". ودعا هنية إلى "وحدة الموقف الوطني والإسلامي في مواجهة التدافع على المشروع الصهيوني في المنطقة". وحضر اللقاءَ نائب رئيس المكتب السياسي للحركة صالح العاروري، وعضو المكتب أسامة حمدان. وبحسب مصادر "حماس"، فإن هنية التقى كذلك وفداً قيادياً من جمعية "الوفاق" البحرينية.
أبو زينب: اللقاءات ستكون «بداية لمرحلة جديدة من التعاطي الجادّ مع الاندفاع الخليجي»


وفي لقاء مماثل، الجمعة الماضي، مع الأمين العام لحركة "الجهاد الإسلامي" زياد نخالة، سمع الأخير تأكيداً للموقف الشعبي الرافض للتطبيع، فيما شدّد نخالة على أهمية "الوحدة بين الشيعة والسنّة في الدفاع عن قضايا الأمة ومقدساتها"، معتبراً أن "هرولة الأنظمة العربية نحو التطبيع، مثل الإمارات والبحرين، لا تعبّر إلا عن الأنظمة ذاتها ومصالحها الخاصة، وأن الشعوب لا علاقة لها بهذه السياسات الجبانة والخائنة للأمة".
يقول "أبو زينب"، القيادي في "ائتلاف 14 فبراير" (تجمّع لقوى ثورية مناهضة للنظام البحريني)، لـ"الأخبار"، إن هذه اللقاءات ستكون "بداية لمرحلة جديدة من التعاطي الجادّ مع الاندفاع الخليجي نحو الكيان الصهيوني". ويضيف: "شعب البحرين لن يتخلّى عن قضية فلسطين مهما حصل من قمع وتضييق عليه، ولا عن الوقوف في صف واحد مع قوى المقاومة لمناهضة المشروع الأميركي والإسرائيلي في المنطقة"، وهذه اللقاءات هي "للبراءة من هرولة النظام الخليفي نحو التطبيع الذي سيقاومه الشعب البحريني بكلّ سبل المقاومة الممكنة والمتاحة".
موجة الاحتجاجات إلى تصاعد
منذ إعلان دولة الإمارات التطبيع مع إسرائيل، توالت في البحرين موجات شعبية غاضبة ضدّ هذه الخطوة. وعبّرت مختلف القوى السياسية والدينية في البلاد عن موقف رافض، ودعت المواطنين إلى الالتزام بمقاطعة إسرائيل باعتبار الأخيرة "العدو الأوّل للأمّة". ومع الالتحاق السريع للنظام البحريني، الذي لديه تاريخ حافل من التعاون الأمني مع تل أبيب، بركب التطبيع، تصاعدت موجة الغضب، لتخرج المواقف المشدّدة "على الحق الوطني والقومي في إسقاط مشاريع التطبيع" والدعوات إلى الالتزام بالمقاطعة الشاملة.
وفيما ظهرت الاحتجاجات في الشارع سريعاً، لا تستبعد مصادر بحرينية معارضة أن يترجَم الغليان لدى النخب والشرائح الشعبية إلى سلسلة من الاحتجاجات المتصاعدة، على نحو ما شهدته في الأيام الماضية بعض المناطق، حيث خرج متظاهرون رافعين لافتات تندّد بالتطبيع وهتافات بشعارات حيّت المقاومة الفلسطينية. في الموازاة، أصدرت جمعيات سياسية بيانات ندّدت بالتطبيع؛ ودعت "الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني" إلى الوقوف في وجه الخطوة ومقاومتها "بكلّ الطرق المشروعة"، وحثّت الحكومة على التراجع لكون الخطوة "تحدث ضرراً على البحرين وشعبها وعلى الشعب الفلسطيني".

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا