في البلدات الجنوبية النائية، استعاد الجنوبيون عادة مقايضة الأغراض أو ما كان يُعرف بـ«العونة» في إطار الأواصر الاجتماعية.
أزمة فقدان الدواء روّجت للمقايضة. فأصبح تبادل الأدوية نمطاً جديداً لمواجهة الأزمة والبحث عن حاجاتهم في ما بينهم.

مستخدماً وسائل التواصل الاجتماعي، حاول أحمد فرحات، ابن بلدة برعشيت في قضاء بنت جبيل، أن يؤمّن دواء السكري علّه يجده في العالم الافتراضي بعد فقدانه في صيدليات المنطقة.
المنشور «الإعلاني» عرض من خلاله أحمد، وهب أدوية للحساسية يملكها مقابل حصوله على أدوية السكري، مبرزاً علبة دواء الحساسية لإظهار نوعه وتاريخ صلاحيته.

وعن المبادرة الجديدة من نوعها يقول أحمد لـ«الأخبار»: «اكتشفت بأن صديقي وسام بحاجة إلى دواء الحساسية، المفقود أيضاً من الصيدليات، وهو يحتفظ بعدد من علب دواء السكري الذي أحتاج إليه. فتعاونّا على تبادل الدواء على أمل أن يتكرر هذا النوع من التعاون مع أصدقاء آخرين».

ويلفت إلى أن «تجربته بدأت تنتشر باعتمادها من قبل العديد، ممن وجودوا فيها باباً قد يوصلهم إلى حاجتهم من الأدوية».

في إحدى صيدليات بنت جبيل، عرض صاحب الصيدلية عدداً من الأدوية المجانية التي تبرّع بها بعض أبناء المنطقة، لمن يحتاج إليها.

وفي السياق نفسه يشير الرجل إلى أن «بعض العائلات المستورة في المنطقة أحضرت ما لديها من أدوية لا حاجة إليها بها، طالبةً منه بيعها بأسعار تشجيعية وإعطاءَها المبلغ». وبالرغم من أن نقابة الصيادلة ترفض تبادل الأدوية بهذه الطريقة، إلا أن «تبرعات الأهالي وتعاونهم في ما بينهم على تأمين الأدوية خفّفا كثيراً من أزمة فقدانها أو ارتفاع أسعارها»، يقول صاحب الصيدلية نفسه.

من جانبه حمل علي رمال، وهو مغترب لبناني، في حقائب سفره كميات من أصناف الأدوية المفقودة في السوق المحلية إلى أصدقائه وأقربائه. «الأدوية هي الهدايا الجديدة»، هكذا يصف الوضع لافتاً إلى أنه «قبل عودة أيّ مغترب، يراجع أقرباءه ومعارفه عن الأدوية التي يحتاجون إليها، وتقديمها لهم بالمجّان في أغلب الحالات».

ويرى البعض أن التعاون على تبادل الأدوية يجب أن يُعمّم. وفي هذا السياق، يعتبر حسن ذيب، ابن بلدة شقرا في قضاء بنت جبيل، أن «ما يحصل من حالات تبادل للأدوية قد يكون بداية لكي تعود العادات القديمة المتعلقة بتبادل المواد الغذائية بين الأهالي، التي كانت معتمدة سابقاً في حال ازدادت الأوضاع الاقتصادية سوءاً».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا