strong>لم تمر أيام بعد على لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، حتى سارعت الدولة العبرية إلى تقديم أولى “هداياها” الثمينة إلى أبو مازن: مستوطنة جديدة في الضفة الغربية، هي الأولى من نوعها منذ 14 عاماً، جاءت بمثابة انتكاسة لأجواء التفاؤل، التي حاول المحيطون بالرئيس الفلسطيني إضفاءها على اللقاء المذكور
صادقت إسرائيل أمس على الشروع في بناء وحدات سكنية في مستوطنة “مشخيت” المهجورة في غور الأردن، سيسكن فيها مستوطنون تم إخلاؤهم من قطاع غزة، في وقت رفض المستشار القضائي للحكومة مني مزوز إجراء تحقيق جنائي بسلب أراضٍ فلسطينية خاصة في الضفة الغربية بهدف بناء المستوطنات عليها، رغم ما كشفه تقرير صادر عن حركة “السلام الآن” الإسرائيلية بأن أكثر من 40 في المئة من أراضي المستوطنات مسجلة بملكية فلسطينية خاصة.
وذكرت صحيفة “هآرتس” أمس أن وزير الدفاع الإسرائيلي عامير بيرتس صادق على بناء 30 وحدة سكنية في “مشخيت” (شمال غور الأردن)، سيبدأ العمل فيها بعد أسبوعين، على أن تنتقل إليها عائلات تم إخلاؤها من مستوطنات “غوش قطيف” في قطاع غزة.
وكانت خطة الاستيطان هذه أقرّت بشكل مبدئي خلال ولاية رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون، لكن المفارقة تكمن في أن تنفيذ هذه الخطة كان بانتظار المصادقة النهائية من وزير الدفاع، وبقيت إلى أن صادق عليها بيرتس.
وقالت المتحدثة باسم مجلس المستوطنين، ايميلي عمروسي، إن 42 أسرة من أصل 1700 أُخليت من قطاع غزة انتقلت إلى الضفة الغربية، وتعيش حالياً في منازل مؤقتة. وأضافت أن الحكومة وعدت ببناء “حي” في «مشخيت» لمن تم إجلاؤهم من غزة، وإنهم يعتزمون الانتقال للعيش في بيوت متنقلة في الموقع بانتظار بناء المساكن الدائمة.
ودانت السلطة الفلسطينية القرار. ورأى المفاوض الفلسطيني صائب عريقات أن قرار وزارة الدفاع الإسرائيلية «سيعمل على تعطيل الاتفاقات التي تم التوصل إليها بين عباس وأولمرت في لقائهما الأخير».
وقال عريقات: «نحن ندين هذا القرار، وخصوصاً أنه جاء بعدما تعهدت إسرائيل خلال لقاء عباس وأولمرت، عدم القيام بأي إجراءات أحادية الجانب، تؤدي إلى الإجحاف بالوضع النهائي».
ورأت اللجنة الشعبية الفلسطينية للدفاع عن غور الاردن أن المستوطنة الجديدة خطوة أخرى تجاه السيطرة الإسرائيلية التامة على كامل شريط غور الأردن الممتد من أريحا حتى قرية بردلا على الخط الأخضر جنوبي بيسان.
وقالت اللجنة، في بيان، إن موافقة بيرتس على إقامة هذه البؤرة الاستيطانية الجديدة “تكشف عن النيات الإسرائيلية المبيتة تجاه السيطرة على المنطقة وإخلائها من الفلسطينيين بكل الوسائل والسبل لخلق واقع جديد في المنطقة يصعب تغييره”. وأشارت إلى أن الحكومة الإسرائيلية تستغل في نشاطاتها الاستيطانية هذه “الحالة الفلسطينية الداخلية وانشغال المجتمع الدولي عنها”.
وفي هذا السياق، أعلن ميني مزوز أنه لن يتم إجراء تحقيق جنائي في مسألة بناء المستوطنات على أراض مسجلة بملكية فلسطينية خاصة، رداً على طلب تقدمت به حركة “السلام الآن” للتحقيق في سلب الأراضي الفلسطينية الخاصة بهدف إقامة بؤر استيطانية، في ضوء تقرير للحركة أفاد بأن أكثر من 40 في المئة من الأراضي المقامة عليها المستوطنات هي أراض مسجلة بملكية خاصة فلسطينية.
وحدد التقرير أن هذه المستوطنات قد أقيمت على أراضٍ تصل مساحتها إلى 74 ألف دونم، بينها 30 ألف دونم هي أراضٍ فلسطينية خاصة، وألفا دونم مسجلة بملكية يهودية وألفا دونم اعتبرها التقرير «أراضي دولة».
وتقول الحركة إن “130 مستوطنة أقيمت بشكل جزئي أو كامل على أراضٍ فلسطينية خاصة”. وتشير إلى أن اسرائيل حاولت طوال السنوات الماضية إخفاء الحقائق بادعاء أن الكشف عنها سيسبب أضراراً بالغة في العلاقات الخارجية لإسرائيل.
(الأخبار، أ ف ب، أ ب، رويترز، يو بي آي، د ب أ)