أزمة مستشفيات منطقة صيدا لا تنحصر في الأدوية والمستلزمات الطبية فقط، بل تضاف اليها «أزمة مرضى». الكارثة التي تتهدّد هذه المستشفيات تتأتّى من كون معظم «زبائنها» (حوالى 75%) مشمولين بتغطيات صحية من الصناديق الضامنة العامة أو الحكومية أو من شركات التأمين الخاصة (15%)، «وهي كلها جهات في حالة اشتباك مع المستشفيات حول تسعيرة الدولار الطبي ما بين 1500 ليرة أو 3900 ليرة أو 20 ألف ليرة وما فوق»، على ما يقول أحد الخبراء في إدارة المستشفيات في صيدا، متوقعاً «سقوط عدد من المستشفيات في فخّ الإفلاس بعد سنوات قليلة فقط».إلى «أزمة المرضى»، تعاني غالبية المستشفيات من المشاكل التي تعاني منها كل المستشفيات: فقدان الأدوية ومنها أدوية أساسية كالبنج والأدوية الملوّنة وأدوية العمليات الجراحية والمنظارية، وبيع بعضها الآخر على أسعار السوق السوداء، إضافة إلى إقفال معمل الأمصال وفقدان المستلزمات الطبية وأزمة المازوت... وليس آخرها أزمة الديون الكبيرة لمستشفيات صيدا في ذمّة الدولة واضطرار المستشفيات إلى دفع سلف على رواتب ممرضيها وموظفيها لإغرائهم للبقاء في العمل. لكن، على ما يبدو فإن الإغراء «لن يطول في ظل تدهور القيمة الشرائية للرواتب وتدني أجرة الطبيب أصلاً في عدد من المستشفيات»، على ما يقول أحد الأطباء، مشيراً إلى أن «أجر الطبيب المناوب في المستشفى هو 10 آلاف ليرة بالساعة، وتسعيرة الضمان لبدل أتعاب طبيب عن المريض في الليلة الواحدة هي 40 ألف ليرة فقط... قبل أن يحسم منها المستشفى بدلات غير قانونية منها مثلاً استهلاك مبنى واستخدام التيار الكهربائي»!
عجز في مواكبة التطور التقني في المعدات الحديثة وفي صيانة المعدات القديمة


وليس بعيداً عن أجر الأطباء، تواجه المستشفيات أزمة «تراجع نوعية الخدمة الطبية بسبب نقص السيولة، ما ينعكس عجزاً في مواكبة التطور التقني في المعدات الطبية الحديثة وحتى صيانة المعدات القديمة»، على ما تقول مصادر طبية. دفع ذلك ببعض المستشفيات للجوء إلى خيار التقشّف. ويشير مسؤول إداري في أحد مستشفيات صيدا إلى «أننا نتجه لتجميع العمليات الباردة بأيام عمل محدودة وعدم تركها على مدار الأسبوع بهدف التقليل من المصاريف التشغيلية». فيما أعلن مستشفى حمود اضطراره لوقف مدّ غرف المرضى بالتكييف ليلاً لتوفير مازوت المولدات مقابل تأمين مراوح هوائية كبدائل للمرضى»، كما لجأت غالبية المستشفيات إلى إطفاء الإنارة الخارجية والكوريدورات في طوابق المرضى.
أما الهجرة في صفوف الأطباء والممرضين في صيدا، فحدّث ولا حرج، وقد تركزت «في النخبة منهم، وفي أوساط الشباب تحديداً»، يقول أحد العاملين في مستشفى حمود، ما يؤثر على مستوى الخدمات الطبية.
وتضم منطقة صيدا ثمانية مستشفيات هي حمود الجامعي ومركز لبيب الطبي والراعي ودلاعة وقصب والنقيب وهيلث مديكال سنتر (عسيران سابقاً) والجنوب (شعيب). إضافة إلى مستشفى صيدا الحكومي ومستشفى الهمشري التابع للهلال الأحمر الفلسطيني.