دمشق | لا تزال الصدمة تخيّم على الوسط الفني في سوريا إثر رحيل المنتج أديب خير المفاجئ. رغم العداوات الكثيرة التي خلفّها صاحب شركة «سامة»، إلا أنه استطاع تكوين فريق كبير من المحبين والداعمين لمشاريعه الفنية، وخصوصاً أنّه كان من أنشط المنتجين المنفذين لشبكة mbc.
المسيرة حافلة رغم قصرها نسبياً، بدأت منذ أواخر التسعينيات حين أسّس خير «تجمع سامة الفني» ومسرحاً خاصاً في مدينة «معرض دمشق الدولي» القديمة (الأخبار 14/1/2013)، وقد استضافت خشبته مجموعة من المسرحيات لمخرجين سوريين شباب، من بينهم باسم ياخور الذي قدم مسرحية «الرجل المتفجر» سنة 2000. بعد ذلك، أطلق المنتج الراحل شركة «سامة» مع النجم جمال سليمان والموسيقي طاهر ماملي لتقدم مجموعة من المسلسلات المهمة، منها «صدق وعده»، و«فنجان الدم» و«أهل الغرام». ثم انفصل عن شريكيه ليقدم جزءين من «ضيعة ضايعة»، ثم المسلسل الطويل «روبي»، بينما كان يعمل على دبلجة مسلسلات تركية حققت جماهيرية واسعة، مثل: «سنوات الضياع»، «نور» و«بائعة الورد» وغيرها الكثير من الأعمال التي غزت الفضائيات، مستفيدة من اللهجة السورية التي أصبحت محببة عند المشاهد، وخصوصاً بعد نجاح الأعمال الشامية. النتائج المضمونة في تجارة الدوبلاج الرابحة دفعت صاحب «سامة» إلى توسيع عمله، وخصوصاً مع الظروف المتردية التي تشهدها عاصمة الأمويين. هكذا، افتتح استوديوات في بيروت ومصر، مع إبقاء نشاطه في دمشق، إضافة إلى سعيه الدائم إلى إنجاز مسلسلات سورية، وخصوصاً أنّه المنتج الوحيد الذي يصنفه بعض صناع الدراما بالفني لا التجاري، بفضل قدرته على تصنيف المواضيع، ولثقافته التي تخوله أن يكون شريكاً حقيقياً في العمل، لا ممولاً فقط. في أيامه الأخيرة، اختار أديب خير بيروت حاضنةً لنشاطه في ما يخص الدراما السورية. وقد بدأ بالعمل لنقل مشاريعه واستقدم السيناريست نجيب نصير لمشاركته في هذه المشاريع. لكن رحيله المفاجئ أوقف عجلة كل تلك الخطط، إضافة إلى إرباك وذهول أصاب العاملين في استوديوات «سامة للدوبلاج» المنتشرة في أكثر من دولة عربية... فما مصير كل تلك الأعمال؟ وإلى أين ستمضي سفينة «سامة» بعدما فقدت ربانها بنحو مباغت؟
يؤكّد أحد المشرفين الفنيين في «سامة» في دمشق خلال حديثه مع «الأخبار» أنّ الشركة بنيت من الأساس على نحو مؤسساتي يوزع فيها العمل والصلاحيات بطريقة لا تؤثر في مسار عمل الشركة، حتى لو غاب أحد المعنيين. وقد كان أديب خير يكتفي بالإشراف ومتابعة العمل من بعيد ويتفرغ لمشاريع الدراما؛ لأن الدوبلاج عملية تقنية بحت إلى حد ما. ويضيف المشرف أنّ الصدمة والحزن هما سمتا هذه المرحلة لدى كل العاملين في «سامة»، لكنّ «الشركة ستكون وفية لصاحبها وستواصل عملها على أكمل وجه» وستسلّم حلقات متتالية من الأعمال التي تعرضها شبكة MBC، ومنها: «على مر الزمان»، «الوشاح الأحمر»، «فاطمة (جزء2)»، «قلوب منسية»، و«نساء حائرات». ويفيد أحد المقربين من المنتج الراحل لـ«الأخبار» بأنه رغم أنّ الحديث سابق لأوانه، ومجلس عزاء الرجل لم ينته بعد، إلا أنّه متأكد أنّ الشركة ستكتفي من الآن فصاعداً بمشاريع الدوبلاج، على اعتبار أنّ رأسمال الدراما في الشركة كان بفضل أديب خير نفسه وعلاقاته ورؤيته الفنية. ويؤكد أنّ زوجته قد تتولّى إدارة الشركة وإكمال مشاريعها.
على طرف مقابل، أطلق بعض الممثلين الذين عملوا مع «سامة» وعوداً عبر صفحاتهم الشخصية على الفايسبوك بأن يواصلوا العمل مع الشركة كأنّ صاحبها موجود. أما السيناريست السوري نجيب نصير، فيؤكد في تصريحه لـ«الأخبار» أنّه ذهب ليستقر في بيروت بناءً على طلب المنتج أديب خير، وكان يُفترض أن يتولّى المعالجة الدرامية لعدد من النصوص التي اشترتها «سامة»، وصولاً إلى تحويل رواية «رياح الرغبة» لنادين فغالي إلى مسلسل يُفترض أن يُعرض في رمضان المقبل، بناءً على طلب خير نفسه. ويضيف نصير: «باشرت في قراءة هذه الرواية ووضع ملاحظات عليها، ودراسة إمكان تحويلها إلى سيناريو». وعن مصير كل هذه المشاريع، يفصح كاتب «زمن العار»: «لا أعرف مصيرها، وهي حالياً معلقة. لكنني أتوقع أن يتسلم الإدارة أحد أفراد عائلة المنتج الراحل. وعندها يمكن معرفة مصير هذه الأعمال». هكذا ستكون النتيجة المحتملة لمصير «سامة» هي استمرار عمليات الدوبلاج، على اعتبار أنّ العقود المبرمة مع mbc ستخوّل العاملين في الشركة الاستمرار في هذا النشاط. لكن يرجح أن تتوقف مسيرة الدراما فيها بعد رحيل صاحبها لتصبّ كل الاحتمالات ضد الدراما السورية التي تعاني من موسم الصدمات المتلاحقة.