لم تتضمّن كلمة رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك مساء اليوم، أيّ جديد. لم يعلن حلّ السلطة الفلسطينية، أو إيقاف التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي، أو وقف التعاون الأمني مع إدارة دونالد ترامب، وذلك رداً على السياسات الأميركية والإسرائيلية العدائية ضد سلطته، وضد «العملية السلمية» التي لا يزال يؤمن بها. ألقى عباس كلمة السلطة الفلسطينية في الدورة الـ73 للأمم المتحدة. أكد أنه ماضٍ في عملية التسوية، وأنه يسعى إلى السلام مع الاحتلال الإسرائيلي، وأنّه مستعد للعودة إلى طاولة المفاوضات. عندما تحدّث عباس عن عملية التسوية، بدا ضعيفاً يستجدي الجلوس مع العدو، أمّا عندما وصل إلى المصالحة الفلسطينية، فهدّد وتوعّد أبناء شعبه في غزة في إجراءات عقابيّة جديدة في حال لم يلتزموا بتسليم سلاح المقاومة، أو يقبلوا بأمن شبيهٍ بالأمن الموجود في الضفة المحتلة، أي الرضوخ للتنسيق الأمني.
في المحصلة، لم يقدّم «أبو مازن» في كلمته أيّ جديد، أعاد فقط التذكير بما حصل مع سلطته خلال عام، شاكياً الظلم الأميركي الذي وقع عليه. هنا أبرز ما قاله عباس:

عملية التسوية
القدس ليست للبيع، وعاصمتنا هي القدس الشرقية وليست في القدس، وحقوق شعبنا ليست للمساومة.
هناك اتفاقات مع إسرائيل وقد نقضتها جميعاً، فإما أن تلتزم بها، أو نخلي طرفنا منها جميعاً، وعليها أن تتحمل مسؤولية ونتائج ذلك.
إسرائيل لم تنفّذ قراراً واحداً من مئات القرارات التي أصدرها مجلس الأمن وآخرها القرار 2334، والجمعية العامة للأمم المتحدة والمتعلقة بالقضية الفلسطينية.هل يجوز أن تبقى إسرائيل من دون مساءلة أو حساب؟ وهل يجوز أن تبقى دولة فوق القانون؟ ولماذا لا يمارس مجلس الأمن الدولي صلاحياته لإجبار إسرائيل على الامتثال للقانون الدولي وإنهاء احتلالها لدولة فلسطين؟
المجلس الوطني «برلمان دولة فلسطين»، اتخذ قرارات هامة تُلزمني بإعادة النظر في الاتفاقات الموقعة مع الحكومة الإسرائيلية، السياسية والاقتصادية والأمنية على حد سواء، وفي مستقبل السلطة الوطنية الفلسطينية التي أصبحت من دون سلطة، وتعليق الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل، إلى حين اعتراف إسرائيل بدولة فلسطين، على حدود الرابع من حزيران عام 1967، والتوجه إلى المحاكم الدولية (بما فيها المحكمة الجنائية الدولية)، للنظر في انتهاكات الحكومة الإسرائيلية للاتفاقات الموقعة، وانتهاكات الاحتلال ومستوطنيه بحق شعبنا وأرضنا ومقدساتنا.
«قانون القومية للشعب اليهودي» يقود حتماً إلى قيام دولة واحدة عنصرية (دولة أبرتهايد) ويلغي حل الدولتين، ويشكّل خطأً فادحاً وخطراً محققاً من الناحيتين السياسية والقانونية، ويعيد إلى الذاكرة دولة التمييز العنصري في جنوب أفريقيا.
أطالب المجتمع الدولي برفض وإدانة القانون، واعتباره قانوناً عنصرياً باطلاً وغير شرعي.
متمسكون بالسلام وحل الدولتين، وعرضت مبادرة لمؤتمر سلام بمشاركة دولية في وقت سابق في مجلس الأمن.
لسنا ضد المفاوضات ولم نرفضها يوماً، وسنواصل مد أيدينا من أجل السلام، وإننا لن نلجأ إلى العنف والإرهاب مهما كانت الظروف.
أطالب برفع مستوى عضوية دولة فلسطين في الجمعية العامة حتى تتمكّن من أداء المهام المتعلقة برئاسة مجموعة الـ77 التي تضم في عضويتها 134 دولة على أكمل وجه.
نحن شعب غير زائد على وجه الكرة الأرضية، بل متجذر فيها منذ خمسة آلاف سنة.


«صفقة القرن»
لن نقبل بعد اليوم رعاية أميركية منفردة لعملية السلام، لأن الإدارة الأميركية فقدت بقراراتها الأخيرة أهليتها لذلك، كما نقضت كافة الاتفاقات بيننا، فإما أن تلتزم بما عليها، وإلا فإننا لن نلتزم بأي اتفاق.
أجدد الدعوة للرئيس دونالد ترمب لإلغاء قراراته وإملاءاته في شأن القدس واللاجئين والاستيطان، حتى نتمكن من إنقاذ عملية السلام.
الكونغرس الأميركي يقرّر ومطلوب منّا نحن أن نسمع وننفّذ.
نرفض أن يكون الدعم الاقتصادي والإنساني المقدّم لشعبنا في الضفة الغربية وقطاع غزة، بديلاً للحل السياسي القائم على إنهاء الاحتلال وتجسيد استقلال دولة فلسطين على الأرض، وبديلاً عن رفع الحصار الإسرائيلي وإنهاء الانقسام القائم في قطاع غزة.

المصالحة الفلسطينية
مواصلة الجهود الصادقة والحثيثة لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة، وعلى رغم العقبات التي تقف أمام مساعينا المتواصلة لتحقيق ذلك، ماضون حتى الآن في تحمل مسؤولياتنا تجاه أبناء شعبنا.
أجدد استعداد «حكومة الوفاق الوطني»، لتحمل مسؤولياتها كاملة في قطاع غزة، بعد تمكينها من ممارسة صلاحياتها كاملة، في إطار النظام السياسي الفلسطيني الواحد، والسلطة الشرعية الواحدة، والقانون الواحد، والسلاح الشرعي الواحد.
هناك اتفاقات مع حركة «حماس»، وآخرها اتفاق 2017، فإما أن تنفذها بالكامل، أو نكون خارج أي اتفاقات أو إجراءات تتم بعيداً عنا، ولن نتحمّل أي مسؤولية، وسنواجه بكل حزم المشاريع الهادفة إلى فصل قطاع غزة الحبيب عن دولتنا تحت مسميات مختلفة.

«حماس»: عباس مسؤول عن أي خطوة تستهدف غزة
ردت حركة المقاومة الإسلامية «حماس» على خطاب عباس في الأمم المتحدة. وهنا أبرز ما جاء في بيان الحركة:
نحّمل «أبو مازن» وفريقه كل التبعات المترتبة على أي خطوات تستهدف أهلنا في قطاع غزة .
ما تحدّث به «أبو مازن» من مضامين هو إعلان صريح لفشل سياسته واعتراف واضح بعجز مسار التسوية.
تجاهل عباس في خطابه لـ«مسيرات العودة وكسر الحصار» والتضحيات الكبرى التي يقدّمها شعبنا في مواجهة الاحتلال، واستثناء غزة وبطولاتها وأهلها من خطابه هو تجسيد وتكريس لحالة الانقسام، ويعطي الضوء الأخضر للاحتلال للمزيد من الجرائم والقتل وتسهيل تنفيذ «صفقة القرن».
تأكيد «أبو مازن» في خطابه استمراره في مسار المفاوضات بعد مئات المؤتمرات والجولات وتكرارها ما هو إلا استنساخ للفشل ومضيعة للوقت، وفرصة ممنوحة للعدو يستغلها لتغيير الواقع السياسي عبر الاستيطان والتهويد ومحاولة تقويض حق العودة بالانقضاض على «الأونروا».
وصف المقاومة من على منبر الأمم المتحدة بأنها ميليشيا وإرهاب، ورفض عباس لسلاحها هو طعنة نجلاء في خاصرة الشعب وتاريخه ومقاومته وشهدائه، وهدية مجانية للاحتلال
عباس استخدم منبر الأمم المتحدة لإعلان الانفصال عن قطاع غزة.
تهديد عباس لأهل قطاع غزة بالمزيد من العقوبات يشكل خطراً على النسيج الوطني ومستقبل المصالحة، ولا ينسجم مع المساعي المصرية الكريمة لاستعادة اللحمة والوحدة الوطنية.
كان الأجدر بعباس أن يعمل على دعم الجهود المصرية لتحقيق المصالحة ويعلن انتهاء الانقسام والعقوبات على شعبنا.
نطالب بضرورة توقّف عباس عن مسار أوسلو الفاشل الذي ألحق بالقضية الفلسطينية الضرر البالغ.
نطالب عباس بأن يصغى لصوت الشعب والقوى الفلسطينية بالتوجه نحو تطبيق اتفاقات المصالحة وفي المقدمة منها اتفاق 2011، وضرورة استعادة وحدة الشعب وترتيب البيت الفلسطيني على قاعدة الشراكة والتوافق على برنامج سياسي على قاعدة الإجماع الوطني ووقف التنسيق الأمني مع الاحتلال.

إسرائيل تردّ
سرعان ما غرد وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، على «تويتر»، قائلًا: «خطاب أبو مازن كان جردة لجميع الإهانات والأكاذيب منذ مولده. فبدلاً من الرد على اليد الممدودة للتسوية مع إسرائيل والولايات المتحدة. فإن كل ما يهم أبو مازن هو تصفية الحسابات وجر المنطقة إلى المواجهة. لن نقف مكتوفي الأيدي حيال أي محاولة للإضرار بأرواح مواطنينا». كما هاجم وزير التربية الإسرائيلي، نفتالي بينت، عباس، قائلاً: «يذكرنا خطاب محمود عباس بحقيقة رئيسة واحدة: معبد القتلة والزعيم الذي يرعى الإرهابيين، لن يفوزوا أبداً بدولة فلسطينية في قلب إسرائيل. نحن هنا لمنع ذلك».