غزة | على رغم حالة الهدوء التي يعيشها قطاع غزة منذ فجر أول من أمس بعد إعلان التوصل إلى «تهدئة متزامنة» بين فصائل المقاومة الفلسطينية والعدو الإسرائيلي، لا تزال المقاومة تعيش حالة استنفار قصوى مع استمرار الاحتياطات على جميع الأصعدة خشية غدر إسرائيلي وعودة التصعيد، كما تفيد بذلك مصادر مطلعة تؤكد «وجود معطيات بعدم رغبة الاحتلال في تنفيذ ما اتفق عليه»، ولهذا أمهلت الفصائل الاحتلال أسبوعاً لتنفيذ بعض البنود الأساسية من التفاهمات. فبالتوازي مع التصريحات الإسرائيلية المتكررة بأن الجولة القتالية لم تنتهِ، إضافة إلى استمرار تعزيزات جيش العدو على حدود القطاع، تواصل المقاومة استعداداتها لاحتمال استئناف المواجهة، كما قال مصدر في «غرفة عمليات المقاومة المشتركة» لـ«الأخبار».المصدر نبّه إلى أنه «رغم تقديرات المقاومة أنه لا نية جدية لدى رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو بالذهاب إلى مواجهة واسعة حالياً أو في الوقت القريب، اتخذت قيادة المقاومة تدابير أمنية مكثفة خشية الغدر واستهداف قيادات كبيرة بهدف ترميم العدو صورته أمام مجتمعه بعد الضربات الموجعة التي تلقاها في المواجهة الأخيرة». وعلى خط موازٍ، كشف المصدر عن «تحذيرات أوصلتها المقاومة إلى الوسطاء من تنكّر الاحتلال لتنفيذ ما اتفق عليه خلال الأسبوع الجاري، وإلا فالأمور ذاهبة إلى التصعيد»، مضيفاً: «الموجة ستكون أكبر وأشد قسوة، فيما سيكون الرد على سياسة الاغتيالات مغايراً إلى حدّ ضربات كبيرة على منطقة الوسط، وخاصة مدينة تل أبيب، بالإضافة إلى استخدام أدوات عسكرية أخرى» دون إيضاح ماهيتها.
على صعيد الوساطات، وصل مبعوث الأمم المتحدة لـ«عملية السلام» في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، إلى القاهرة، أمس، في زيارة تستغرق يومين يلتقي خلالها المسؤولين المصريين للتباحث في تثبيت الهدوء في غزة. وفي الوقت نفسه، كشفت مصادر في «حماس» أن المندوب القطري إلى الأراضي الفلسطينية، محمد العمادي، قد يصل الى غزة نهاية الأسبوع الجاري لبدء توزيع المنحة القطرية على العائلات الفقيرة والموظفين، وهي جزء من التفاهمات التي اتفق عليها مسبقاً، لكن العدو ماطل في تنفيذها قبل التصعيد الأخير. وبينما نقلت قناة «كان» العبرية أمس أن رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو سيصدّق على إدخال 30 مليون دولار من الدوحة إلى غزة كجزء من التفاهمات، أعلن أمير قطر تميم بن حمد تقديم منحة قدرها 480 مليون دولار «لدعم الشعب الفلسطيني وموازنة السلطة الفلسطينية وبرامج الأمم المتحدة»، على أن يكون 180 مليوناً منها منحة لغزة، و300 مليون لخزينة السلطة، منها 50 كمنحة و250 كقرض تسدده رام الله، وفق عضو «اللجنة المركزية لحركة فتح» حسين الشيخ.
منحت الدوحة السلطة الفلسطينية 480 مليون دولار؛ 180 منها لغزة


وبشأن بقية التفاهمات، لا تزال حالة الإغلاق متواصلة في غزة منذ السبت الماضي أمام البضائع ومنطقة الصيد البحري. لكن صحيفة «هآرتس» العبرية كشفت أمس أن نتنياهو صدّق على تجديد إدخال شاحنات الوقود إلى القطاع بموجب تفاهمات وقف النار التي تمت برعاية مصرية وأممية، مشيرة إلى أن من المتوقع تجديد إدخال البضائع بعد غد (الخميس) في ساعات منتصف الليل، أي بعد انتهاء الإغلاق التام على الضفة المحتلة وغزة خلال يومي «إحياء ذكرى الجنود الإسرائيليين القتلى» و«الاستقلال»، على أن يتم توسيع منطقة الصيد البحري في الساعات أو الأيام المقبلة.
رغم ما سبق، تظهر تصريحات نتنياهو توجهاً إسرائيلياً إلى التصعيد القريب، ولا سيما أنه قال إن «المعركة مع غزة لم تنتهِ وتتطلب الصبر والحكمة... أصدرت تعليمات للجيش بالاحتفاظ بتعزيزات القوات المدرعة والمدفعية». كذلك، تواصلت التلميحات الإسرائيلية إلى إمكان انهيار التهدئة واندلاع مواجهة جديدة. وتوقع المحلل العسكري في «هآرتس»، عاموس هرئيل، أن تندلع المواجهة مع «حماس» و«الجهاد الإسلامي» قريباً، مشيراً إلى أن الجيش الإسرائيلي بدأ يتحدث عن إمكانية عملية واسعة في القطاع بحلول الأشهر المقبلة. أما كبير المعلقين العسكريين في القناة الـ 12 العبرية، روني دانييل، فقال إنه «سيخيب ظن كل من يعتقد أن جولة التصعيد الأخيرة ستؤسس لحالة من الاستقرار»، مرجعاً ذلك إلى عودة «مسيرات العودة» التي «سنبدأ بعدها بعدّ الأيام حيث تنتهي برشقة صاروخية أخرى على إسرائيل».
في المقابل، كشفت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لـ«حماس»، عن نجاحها في تجاوز «القبة الحديدية». وقال المتحدث باسمها «أبو عبيدة»، في تغريدة على «تويتر»: «لقد نجحت كتائب القسام بفضل الله في تجاوز ما يسمى القبة الحديدية باعتماد تكتيك إطلاق عشرات الصواريخ في الرشقة الواحدة»، مضيفاً: «كثافة النيران العالية والقدرة التدميرية الكبيرة للصواريخ التي أدخلها القسام على خط المعركة نجحتا في إيقاع خسائر كبيرة ودمار لدى العدو، ما أربك كل حساباته». كما كشفت «سرايا القدس»، الجناح العسكري لـ«الجهاد الإسلامي» خلال المعركة عن صاروخ جديد استخدمته لأول مرة أطلقت عليه اسم «بدر 3»، وهو يحمل رأساً متفجراً كبيراً، متوعدة العدو بأن «القادم أعظم».