غزة | على رغم استمرار مماطلة العدو الإسرائيلي في تنفيذ تفاهمات التهدئة، التي توقفت بناءً على الوعد بتطبيقها الجولةُ الأخيرة من القتال، واقتراب مهلة الأسبوع التي منحتها المقاومة الفلسطينية من نهايتها، لا يزال الوسطاء يسعون إلى تثبيت الهدوء، حاملين معهم وعوداً إسرائيلية بالتنفيذ خلال الأسبوع الجاري، علماً بأن الوساطة المصرية ــــ منذ بدئها ــــ لم يتغيّر دورها في تقديم ما بات يطلق عليه الفلسطينيون «إبر بنج» (مخدر)، تساعد إسرائيل في تجاوز الضغوط التي تمارسها فصائل المقاومة عبر الأدوات الشعبية والعسكرية.ووصل إلى قطاع غزة، منذ أول من أمس، وفد رفيع من جهاز «المخابرات العامة» المصرية، وعقد اجتماعات مكثفة مع الفصائل لضمان استمرار الهدوء أثناء فعاليات «مسيرات العودة» التي يتوقع أن تزداد وتيرتها في ذكرى النكبة الفلسطينية في الخامس عشر من الشهر الجاري. وأمس أيضاً، عقد الوفد لقاءين منفصلين مع قيادة حركتَي «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، ثم لقاءً ثالثاً مع الفصائل الأخرى، تحت العنوان نفسه: تثبيت الهدوء مقابل تحسين الواقع الإنساني والاقتصادي، وفق توصيف الزوّار، ناقلاً رسائل إسرائيلية بأن تنفيذ التفاهمات سيكون بعد الأعياد اليهودية التي تنتهي اليوم (السبت).
وعلمت «الأخبار» من مصادر في «حماس» و«الجهاد» أن المصريين طلبوا منهما ضبط الأوضاع الأمنية على الحدود في الأيام المقبلة، على أن يبقى الوفد في غزة كي يراقب الوضع (وإن كان سينتقل مرات عدة إلى تل أبيب لمراجعة الردود الإسرائيلية)، ويضمن التزام إسرائيل تنفيذ التفاهمات، مشيرين إلى أن الأحد المقبل سيشهد «حلحلة كبيرة في عدد من الملفات». لكن الفصائل، ولا سيما «حماس»، ترى في ملف المنحة القطرية معياراً أساسياً في قياس مدى التزام الاحتلال، كما ترى أن التلكؤ الذي سبق التصعيد الأخير كان له علاقة بإدخال الأموال لمصلحة عشرات الآلاف من الأسر الفقيرة.
تنتهي مهلة الفصائل لاختبار تطبيق التفاهمات فجر الاثنين المقبل


وتأتي الوعود المصرية هذه بعد جملة من رسائل التهديد المتبادلة التي نقلها الوسطاء خلال الأيام الماضية، إذ نبّهت المقاومة إلى أن عدم التزام الاحتلال تنفيذ التفاهمات قبل انقضاء مهلة الأسبوع التي تنتهي مع فجر الاثنين المقبل سيعيد الأوضاع إلى مربع المواجهة من جديد. لكن مصادر في المقاومة نفت أن يكون «الاحتلال قد حذر حماس والجهاد الإسلامي من تصنيع صواريخ ثقيلة من طراز بدر 3 أو غيرها»، مشيرة إلى أن «سلاح المقاومة وتطويره غير خاضع لأي نقاش، وأن المعادلة قائمة مع الاحتلال حالياً على مبدأ تنفيذ التفاهمات مقابل الهدوء» فقط.
في الوقت نفسه، يتقاطع دور الوسيط المصري مع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، الذي أجرى اتصالاً طويلاً مع رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، أمس، تطرقا فيه إلى «الجهود الحثيثة التي تُبذل على أكثر من صعيد لتنفيذ التفاهمات الخاصة بإنهاء المعاناة الإنسانية لأهلنا في قطاع غزة ورفع الحصار عنه»، وفق بيان صادر عن مكتب هنية. وعلمت «الأخبار» أن ملادينوف تعهد لهنية بتسهيل إدخال الأموال القطرية لسحب فتيل التصعيد، في ظلّ وجود نية حقيقية لدى المقاومة على إشعال المواجهة من جديد في حال استمرار التلكؤ الإسرائيلي. كما جدّد ملادينوف تعهداته باستمرار مشاريع التشغيل المؤقت عبر المؤسسات الدولية.
على الصعيد الميداني، استشهد عبد الله جمعة عبد العال (24 عاماً) وأصيب 30 آخرون جراء إطلاق العدو الرصاص على المتظاهرين أمس في فعاليات «مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار» على الحدود الشرقية للقطاع، في الجمعة الـ 59 للمسيرات. وفي الوقت نفسه، دعت الفصائل إلى «المشاركة الحاشدة في الذكرى السنوية الحادية والسبعين لإحياء ذكرى النكبة... يوم الأربعاء الموافق 15/5/2019 في مخيمات العودة الخمسة».