مقالات مرتبطة
مع تصاعد الأحداث، وتوقع مسيرات غاضبة في الداخل المحتل وكذلك مواجهات في الضفة، لا يزال العدو مصدوماً مما حدث صبيحة الثاني عشر من الشهر الجاري. فالجندي المقتول لم تحمه خوذته ولا التباهي باسم لواء النخبة الذي ينخرط فيه، وكان يغني بين جنوده ويقول لهم: «جندي غولاني يسير غير ملتفت إلى الوراء، لأنه يعلم أن كل الدولة خلفه»! وفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، كشف التحقيق الأولي أن منفذ الهجوم نصب للجندي كميناً خلال عملية «روتينية» في البلدة، وانتظر مرور قوة راجلة أسفل بناية من ثلاثة طوابق، ثم تعمد جذب انتباه الجنود، وعندما رفع الجندي القتيل رأسه أسقط المنفذ «صخرة كبيرة» عليه. وتُظهر مشاهد متداولة عبر مواقع التواصل آثار كمية دماء كبيرة نزفها الجندي قبيل إعلان مقتله.
يعمل العدو بطريقة مختلفة في يعبد، بالاعتماد أكثر على الجهد الاستخباري
جُنّ العدو، فسارع إلى عملية واسعة في البلدة استهدفت أولاً الحي الذي نُفّذت داخله العملية، ثم امتدت إلى أحياء أخرى، وتخللتها مواجهات عنيفة مع الشبّان، فيما بلغت حصيلة الاعتقالات في أول يومين من العملية نحو 22، بينهم فتيات لا ذنب لهن سوى سكنهن في المكان. ويقطن يعبد ومناطق تتبع لها نحو 30 ألف فلسطيني، فيما تشهد المقاومة الشعبية (إلقاء الزجاجات الحارقة والحجارة) فيها مداً وجزراً، بحكم الاعتقالات الواسعة التي يشنها العدو بين شهر وآخر، إذ خلال الأشهر الستة الماضية تعرّضت البلدة لأقسى الحملات، الأمر الذي يفسر توقف الهجمات على مركبات المستوطنين قرب البلدة، لكن «عملية الحجر» حولت الأنظار مجدداً نحو المنطقة. وسبق أن تعرض شباب البلدة لسلسلة من الضربات المتدرجة، أبرزها إعلان جهاز «الشاباك» اعتقاله خلية من خمسة شبّان (منتصف كانون الأول/ديسمبر 2017) لضلوعهم في إطلاق نار وإلقاء زجاجات حارقة صَوب الشارع الاستيطاني هناك.
أما «ميفو دوتان»، فكانت ولا تزال هدفاً، إذ شهدت عمليتين، واحدة قبل يوم من قرار واشنطن نقل سفارتها، وأخرى بعده بساعات. وقد استهدف مقاومون في كلتا العمليتين حافلة إسرائيلية، علماً بأن العدو كان قد أفاد في نهاية أيلول/سبتمبر 2017 بانفجار عبوة ناسفة في المنطقة. وعقب مئة يوم على قرار دونالد ترامب، تحديداً في آذار/مارس 2018، نفّذ الأسير المحرر علاء قبها عملية دهس في المستوطنة أدت إلى مقتل جندييْن من العدو وإصابة ثلاثة آخرين بجراح خطيرة. كما سجل العشرون من آذار/مارس 2019 إطلاق نار على نقطة لجيش الاحتلال قرب يعبد، وأيضاً في التاسع من نيسان/أبريل 2019 عادت البندقية إلى المكان نفسه حيث استُهدف برج عسكري بالرصاص عند حاجز «دوتان».
ويلاحظ هذه المرة أن جيش العدو يواصل حملته الواسعة في يعبد، الشهيرة باستشهاد المقاوم السوري عز الدين القسام في أحراجها، لكن هذه المرة على نحو متقطع لا متواصل، ومَرَدّ ذلك، وفق مراقبين، إلى محاولة العدو تفعيل الجهد الاستخباري، ولاقتناعه بأن الضغط على المنفذ عبر الدهم لن يشعره بالأمن بل سيجعله يتخذ المزيد من إجراءات الحيطة والحذر. أما بشأن الطريقة، فتحفل ذاكرة المقاومة بنماذج لـ«كمائن الحجارة» منذ الانتفاضة الأولى حتى الآن، أبرزها ما اشتهر بـ«عملية الساقوف» داخل البلدة القديمة في نابلس عام 1989 حين أسقط الأسيران المحرران إبراهيم الطقطوق وسمير النعنيش صخرة كبيرةً (ساقوف وفق تسمية أهالي نابلس) على رأس أحد جنود العدو فقُتل فوراً. وأخيراً في 24 أيّار/مايو 2018، داخل أزقة مخيم الأمعري في رام الله، حيث أسقط الأسير إسلام أبو حميد حجر رخام على جندي من وحدة النخبة «دوفدوفان» فأرداه قتيلاً بعد يومين من إصابته. وهذا يعني أن إلقاء الصخور الكبيرة على قوات العدو ليس جديداً، لكن معظمه كان يستهدف آليات وليس الجنود، ولذلك سيمثّل هذا الأسلوب مجدداً هاجساً يلاحق العدو أثناء حملات اعتقال الفلسطينيين ليلاً.