غزة | بينما من المفترض أن يصدر رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، مرسوماً يحدّد موعد الانتخابات الفلسطينية العامّة وفق جدول زمني لا يتجاوز ستة أشهر، بناءً على التفاهمات الأخيرة بين حركتَي «حماس» و«فتح»، تتزايد ضغوط دول عربية لوقف هذا المسار، إضافة إلى ضغوط ميدانية يمارسها الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلّة. وعلمت «الأخبار» أن الرفض العربي للتفاهمات الأخيرة التي أُبرمت في تركيا أخّر إصدار عباس المرسوم الرئاسي بالانتخابات، خاصة أن بعض الاعتراضات جاءت بصيغة تحذيرات من أن «حماس» ستجرّ "أبو مازن" إلى حضن تركيا وقطر بعيداً من «الإجماع العربي».كذلك، تَسبّبت الضغوط المصرية والأردنية تحديداً، ومن ورائها الخليجية، في تأجيل اجتماع الأمناء العامين المقرّر في الثالث من الشهر الجاري، والذي كان من المفترض صدور مرسوم الانتخابات خلاله بعد عرض التفاهمات على باقي الفصائل. تنقل مصادر أنه خلال زيارة وفد «فتح» إلى القاهرة الأسبوع الماضي (بعد تفاهمات إسطنبول)، أُبلغت الحركة أن المصريين غير راضين عن طريقة إعلان الاتفاق في تركيا. لكن «فتح» دافعت بالقول إن الاتفاق جرى في القنصلية الفلسطينية في إسطنبول من دون رعاية أو وساطة تركية، وإن الفلسطينيين تفاهموا عبر اللقاءات الثنائية وحقّقوا «اختراقاً كبيراً» في ملفّ المصالحة، فضلاً عن أن «الاستراتيجية الفلسطينية الحالية تقوم على سياسة اللقاءات الثنائية». لكن، تضيف المصادر، لم يرُق هذا التبرير المصريين، الذين يعارضون تنفيذ الاتفاق وحتى الانتخابات.
تضغط عمّان على «حماس» عبر ملفّ أحلام التميمي بترحيل زوج الأسيرة المحرّرة


منطلق الاعتراض المصري كان أن المصالحة الفلسطينية بهذه الطريقة، بعيداً من رعاية القاهرة، تمثّل انتقاصاً من جهد الأخيرة بعد محاولات كثيرة للمصالحة بين الحركتين طوال 14 عاماً، فضلاً عن أن الوقت الحالي غير مناسب للانتخابات، خاصة مع غياب دعم دولي وأميركي لإجرائها، ما يجعلها «قفزة غير محسوبة من عباس». واستكمالاً لهذا الموقف، أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، عن «الاستياء» من اجتماع تركيا، لأن بعض الأطراف رأى في هذه الاجتماعات رسالة إلى أطراف عرب معينين، وهو ما رد عليه أمين سرّ «اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير»، صائب عريقات، بمطالبة أبو الغيط بالاستقالة من منصبه على خلفية تأييده الاتفاقات العربية مع إسرائيل وترويجه «صفقة القرن»، علماً أن السلطة أعلنت منذ أيام قليلة تخلّيها عن رئاسة الدورة الحالية للجامعة بعدما أخفقت في الاستحصال على أيّ صيغة منها تدين الاتفاقات الأخيرة مع الاحتلال.
في غضون ذلك، كشفت مصادر "فتحاوية" أن الأردن أبدى، عبر قنوات اتصال مع عباس، انزعاجه من الاتفاق ومن توقيعه في تركيا، مؤكداً أنه لا يدعم إجراء الانتخابات الفلسطينية تخوّفاً من حصول «حماس» على نصيب كبير في المناصب، فضلاً عن التعقيدات، خاصة في الضفة والقدس وما تعرفه من نية إسرائيلية لمنع الانتخابات، وهو ما سيفتح باب مواجهة في الضفة. وفي الوقت نفسه، نقلت مصادر "حمساوية"، في حديث إلى «الأخبار»، أن رسالة أردنية غير مباشرة وصلت «حماس» برفض اتفاق المصالحة، وذلك بالضغط على الأسيرة المحرّرة المنتمية إلى الحركة، والمطلوبة للولايات المتحدة، أحلام التميمي، لمغادرة المملكة، عبر ترحيل زوجها الأسير المحرّر نزار التميمي، وإبلاغه بضرورة المغادرة خلال أيام، تمهيداً لترحيلها وتسليمها للإدارة الأميركية.
وتتخوّف «حماس» من تأثير ذلك في قرار عباس، الذي أبلغته بدورها أنها تنظر بريبة إلى تأخره في تنفيذ التوافقات، بما فيها السماح بالمقاومة الشعبية في الضفة ووقف ملاحقة عناصر الحركة، وأيضاً تأخّره في رفع العقوبات عن قطاع غزة، ووقف التمييز بين الضفة والقطاع، والسماح بتجديد جوازات السفر لآلاف الممنوعين من ذلك. وفي هذا الإطار، شدّد المتحدث باسم الحركة، عبد اللطيف القانوع، على أن «المرحلة الحالية من الحوار الوطني الثنائي والشامل بحاجة إلى خطوات تعزيز الثقة وبثّ الأمل في نفوس أبناء الشعب الفلسطيني، ورفع الإجراءات ضدّ غزة، وإنهاء حالة التمييز بين أبناء الوطن الواحد».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا