عزا مسؤولون أمنيّون إسرائيليون سابقون وحاليّون، سبب عمليّتَي الخضيرة أول من أمس، وبئر السبع الأسبوع المنصرم، إلى ما أسموه «فشل جهاز الأمن العام الداخلي (الشاباك)». وطبقاً لما نقلته صحيفة «هآرتس»، اليوم، عن هؤلاء، فإن الجهاز فشل في رصد فلسطينيين من الأراضي المحتلة عام 48 «يتماهون مع تنظيمات إرهابية»، مستغلّين العمليّتَين للقول إن «المستوى السياسي لا يُلزم الشاباك بالتدخل في تتبع الجريمة القومية» في صفوف فلسطينيي الـ48. مع العلم أن الجهاز يتعقّب بواسطة أدواته التجسسية فلسطينيي الـ48، وعزّز ذلك خصوصاً منذ بداية تفشي وباء «كورونا». وهو ما يعني عملياً أن أدواته هذه لم تنجح في «إحباط» العمليات أو توقّع حدوثها.
وادّعى المسؤولون الأمنيون أن الجهاز «يمتنع عن مراقبة وملاحقة ناشطين وطنيّين (من فلسطينيي الـ48)، ولا يحقق بشكل لائق في إخفاقاته». وتابعوا أن «الشاباك يخشى من الدخول ومعالجة الإرهاب الذي ينفّذه مواطنون إسرائيليون، ومن بين أسباب ذلك أنهم يدركون أن هذا سيكون صعباً جداً وقد يُضعف سمعتهم». ولكن أقوالهم هذه ليست سوى تبرير لإخفاق الجهاز الذي طالما تفاخر بأدواته التكنولوجية وسيطرته على الفلسطينيين وحياتهم.

وطبقاً لما قاله أحد هؤلاء المسؤولين، فإن «بحوزة الشاباك أدوات تكنولوجية تُعدّ من الأكثر تقدّماً في العالم، وأدوات شديدة العدوانية التي يستخدمها ضد الفلسطينيين، ويمتلك المصادقة القانونية أيضاً لاستخدامها. ولا يمكنه استخدام هذه الأدوات ضد مواطنين إسرائيليين». واعتبر أنه «يكفي رؤية كيف صمت ثلاثة أولاد مشتبه فيهم بالقتل في قرية دوما خلال تحقيقات الشاباك، وبعد أن مُنح المحققون تصريحاً بالضرب والتعذيب، نجحوا باستخراج رواية منهم». في إشارة إلى إرهابيين يهود ينتمون إلى تنظيم «شبيبة التلال»، اقترفوا جريمة إرهابية حرقوا خلالها عائلة الدوابشة في قرية دوما قرب نابلس بالضفة الغربية المحتلة. مع العلم أن الجهاز يفرّق بين الإسرائيليين وفلسطينيي الـ48، ولا تتم التحقيقات معهم بصورة متساوية بالرغم من كونهم «مواطنين».

وفي الإطار، أشار مسؤول أمني آخر إلى أن «الشاباك لم يتوقع الهبّة الشعبية، في أيار الماضي»، التي جاءت في أعقاب قمع أجهزة الأمن الاسرائيلية بشكل وحشي لاحتجاجات في القدس ضد استفزازات المستوطنين والعدوان على غزة. وتساءل «كيف لم يعرف جهاز بذلك؟ وكيف لم يعرف أن 20% من الجمهور العربي (فلسطينيو الـ48) سيخرجون إلى الشوارع، وأنهم يعتزمون تنفيذ هجمات على اليهود في اللد، ويطلقون النار على بيوت يهود في الرملة، وأنهم سينفّذون اعتداءات في بات يام وعكا». وتابع: «كنا قريبين جداً من حرب أهلية، لكن لم يتحدث أحد مع الشاباك ولم يطلب منه استعراض الإخفاقات ورؤية كيف حقّقوا في هذا الحدث. ولم يفسّر الشاباك حتى اليوم في أي هيئة أمنية رفيعة كيف حدث أن عرب إسرائيل (فلسطينيو الـ48)، خرجوا إلى احتجاج عنيف. وبالنسبة إلى الشاباك، فإن مسؤوليته عن نتائج الحملة انتهت عندما تم إحراق البرميل الأول في اللد».
وفي سياق إخفاق «الشاباك» أيضاً، تطرّق مسؤول أمني إلى عرض عامل في منزل وزير الأمن، بيني غانتس، معلومات على قراصنة إنترنت إيرانيين. وقال إن «الجهاز المسؤول عن إحباط التجسس لا يعلم أن في بيت وزير الأمن، الشخصية الأكثر حساسية بعد رئيس الحكومة، عاملاً مجرماً أرسل صوراً إلى المخابرات الإيرانية».

وادّعى ضباط كبار في الشرطة الإسرائيلية أنه «لا توجد مراقبة على مواطنين ضالعين في أنشطة قومية». وأضافوا أن «الشاباك يعرف كيف يعمل، وبمقدوره مواجهة مخرّبين يحملون مواطَنة إسرائيلية، لكنه لم يتخذ قراراً بهذا الخصوص».
وحسب الصحيفة، فإن الشاباك يُجري تغييرات في بنيته وفي المسؤوليات الملقاة على أقسامه «المسؤولة عن إحباط تهديدات إرهابية في جميع أنحاء الخط الأخضر». وقرّر هذه التغييرات رئيس الشاباك الجديد، رونين بار. وبموجب هذه التغييرات، يجري تشكيل شعبة «حلبة إسرائيل»، التي ستحلّ مكان «لواء الشمال» في الشاباك، وسيكون المجتمع العربي كله ضمن مسؤولية الشعبة ومسؤولية إحباط الإرهاب اليهودي. وستتحول شعبة «إسرائيل والأجانب» إلى شعبة أمن وقائي لإحباط التجسس.