في قراءة لتحركات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، منذ عمليتي بئر السبع والخضيرة، قد يُخلص إلى أن هناك نيّة إسرائيلية بتأجيج التوترات الأمنية وخصوصاً في الأراضي المحتلة عام 1948، من طريق استغلال هاتين العمليتين للتحريض على هؤلاء من جهة، والزج بالتنظيمات الاستيطانية اليهودية وخصوصاً في مدن الساحل الفلسطيني. وخصوصاً أنه قبل وقوع العمليتين دفعت التظيمات الاستيطانية بغطاء من الشرطة وأجهزة امن العدو، إلى تقوية الانوية التوراتية وأذرعها المسلحة، في «المدن المختلطة»، والنقب، كما كشف أكثر من تقرير اسرائيلي.
وما يتساوق مع هذا الافتراض، هو أن الأجهزة الامنية عبّرت أكثر من مرّة أنها تتخوف من اشتعال الأوضاع في شهر رمضان، من دون إعطاء أي مؤشر عيني مؤسس على معلومات استخبارية. ولكن هذا «التخوف» لم يمنعها من الموافقة على تنظيم مسيرات استفزاية للمستوطنين في عيد «الفصح اليهودي» الذي يتزامن هذا العام مع رمضان، ولا حتى إلغاء الاقتحام المقرر بعد يومين لعضو الكنيست المتطرف من حزب «الصهيونية الدينية»، إيتمار بن غفير، الذي يعد أحد الرموز الاساسية في التطرف الصهيوني.

وفي إطار الاستعداد لتوتير الأوضاع، عقد المفتش العام لشرطة العدو، يعكوف (كوبي) شبتاي، بمشاركة قيادة الشرطة، مداولات، تقرر فيها الاستعداد لما وصف طبقاً لصحيفة يديعوت أحرونوت بـ«حارس الأسوار 2»، في اشارة إلى معركة سيف القدس، والعدوان الذي شنه العدو على قطاع غزة. وبضمن الاستعدادات، تتحضر الشرطة لـ35 «يوماً قتالياً» متواصلاً وأحداث أمنية «أكبر بثلاثة أضعاف» من احتجاجات أيار/مايو الماضي. وأضافت الصحيفة أن «السيناريو الذي وضعته الشرطة، يتضمن وقوع مواجهات في انحاء فلسطين المحتلة، يتخللها سقوط صواريخ واندلاع حرائق».

الصحيفة العبرية لم توضح خلفيات هذا السيناريو أو أسبابه، لكنه يتزامن مع سعي واضح من أجهزة العدو لتصعيد الوضع الامني، بالرغم من عدم وجود مؤشرات، حالية، على حدوث سيناريو من هذا النوع، تزعم الشرطة أن تحقق هذا السيناريو هو «مسألة وقت وحسب».

ولم يعرف إن كانت الشرطة فعلاً تتهيأ لوقوع أحداث «أكبر بثلاثة أضعاف» من هبة ايار، بناء على معلومات استخبارية، أم من إن كانت هذه «الزوبعة» من أجل تجنيد أكبر عدد ممكن من أفراد الشرطة للتغطية على النقص الحاصل في الوحدات الشرطية المختلفة؛ إذ أنه بعد عمليتي النقب والخضيرة، قالت الشرطة إن «هناك نقص بنحو 4500 شرطي في الخدمة الحالية، و4000 آخرين في الاحتياط»، وهي أرقام سبق وتحدثت عنها بعد هبة أيار مباشرة.

وتقدر الشرطة أن مواجهات ستندلع في ما يُسمى إسرائيلياً بـ«المدن المختلطة»، في اشارة إلى مدن الساحل الفلسطيني، «من دون إنذار مسبق، وبعنف متزايد، يشمل استخدام أسلحة نارية ضد قوات الأمن ومواطنين، وستغلق شوارع كثيرة». وستكون سيارات مدنية هدفاً لما سامته «المشاغبين والمخربين». ويشمل سيناريو الشرطة مواجهات واسعة في الضفة الغربية وفي أقسام الأسرى الفلسطينيين في السجون، بحسب الصحيفة.

وتابعت الصحيفة أن السيناريو الذي وضعته الشرطة، يتضمن «سقوط آلاف القذائف الصاروخية على الجبهة الداخلية الإسرائيلية وستسبب باندلاع مئات الحرائق». وفي السياق، أشارت الصحيفة إلى أن المفتش العام للشرطة «طلب من شعبة العمليات في الجيش الإسرائيلي الإشارة إلى سيناريوهات مختلفة في كل واحدة من مناطق الشرطة، بحسب تقسيمها».

وطبقاً للسيناريو، فإن «اللد والرملة ويافا وعكا وحيفا ومستوطنة نوف هجليل (الناصرة العليا سابقاً) ستكون مراكز لمواجهات»؛ حيث سيحاول ما اسمتهم «المشاغبون»، «استهداف أملاك وسكن يهود وإحراق كُنس ونهب أملاك من خلال استخدام أسلحة نارية، وإغلاق طرق توصل إلى بلدات يهودية»، كما أن «متطرفين يهود سيحاولون استهداف العرب»، في إشارة إلى فلسطيني الـ48. كذلك، يتوقع السيناريو «اندلاع مواجهات في منطقة وادي عارة، يُغلق على اثرها شارع 65، وكذلك وقوع مواجهات في البلدات والمدن الفلسطينية شمالي فلسطين المحتلة، سيستخدم فيها الفلسطينيون الاسلحة النارية».

أمّا بالنسبة للضفة والقدس المحتلتين، فإن الشرطة تخطط هناك لإغلاق حواجز عسكرية بين المنطقتين المحتلتين، في حين ستكون أحياء «هادئة نسبياً» مثل «بيت صفافا وبيت حنينا وشعفاط مركزاً لأعمال شغب»، وستندلع مواجهات في أنحاء الضفة، تستخدم خلالها الأسلحة النارية ضد جيش العدو، فيما سيقوم المستوطنون باعتداءات عنصرية ضد الفلسطينيين، في حين سيقوم فلسطينيو النقب بإغلاق شوارع، كما سينظمون مواجهات.