جنين | على رغم أن الشيخ بسام السعدي لم يؤدِّ أيّ دور تنظيمي رسمي في «حركة الجهاد الإسلامي» خلال السنوات الأخيرة، إلّا أن اسمه لم يَغِب عن قوائم المطلوبين لدى جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي اعتقله مرّات عدة خلال السنوات الماضية إدارياً، قبل أن يفرِج عنه لعدم وجود أيّ تهمة تدينه. غير أن الأكيد أن السعدي يمثّل رقماً لا يمكن القفز عنه عند الحديث عن تصاعُد العمل المقاوم في الضفة الغربية، لا سيما في جنين. فـ«أبو إبراهيم» (62 سنة) هو أحد أبرز مؤسّسي «الجهاد» وقياديّيها في الضفة، كما أنه يمتلك تاريخاً نضالياً حافلاً، ويحظى باحترام المكوّنات الوطنية كافة. وقد أُبعد عام 1992 على رأس 415 ناشطاً في حركتَي «حماس» و«الجهاد» إلى منطقة مرج الزهور على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة. وعقب عودته، اعتُقل عشرات المرات، إذ أمضى ما مجموعه 15 عاماً على فترات متباعدة في السجون، كما اعتُقلت زوجته نوال السعدي، وأمضت ثلاث سنوات وراء القضبان بتهمة مساعدة زوجها في نشاطه الجهادي.قدّم السعدي ولدَيه، عبد الكريم وإبراهيم، عام 2002، حيث استشهد كلاهما برصاص قوات الاحتلال، وهما من عناصر «سرايا القدس»، الجناح العسكري لـ«الجهاد»، فيما نال أبناؤه عز الدين وصهيب وفتحي ويحيى نصيبهم من الاعتقال أيضاً، فضلاً عن إصابة الأوّل بجروح خطيرة مطلع انتفاضة الأقصى. كما قصفت طائرات الاحتلال منزله في معركة جنين عام 2000. وادّعى جيش العدو، أمس، أنه ضبط مبالغ مالية في منزله، بالإضافة إلى مسدّس فردي وكمّية محدودة من الذخيرة، في إشارة إلى أن تلك المضبوطات تُعدّ دليلاً على انخراطه في العمل العسكري في جنين. لكن مصدراً من داخل المخيم يؤكد أن السعدي لا يؤدّي أيّ دور حزبي، غير أن الاحتلال لا يريد أن يراه خارج السجن. أمّا لماذا؟ فيقدّر المصدر أن العدو يدرك الدور «الروحي الملهم» الذي يؤدّيه الشيخ، حتى من دون تدخّله في العمل التنظيمي، إذ يفرض حضوره حلاً لكل المشكلات قبل أن تَحدث، ومانعاً للعناصر الحزبية من الخلافات والتجاوزات. ويقول أحد عناصر «الجهاد» في الضفة لـ«الأخبار»: «عندما نكون في أيّ مكان، نستأنس بالشيخ السعدي، وعندما نُعتقل، نوّد لو يُعتقل معنا».
واستتبع عملية اعتقال السعدي، وما رافقها من خشونة وعدوانية، رد فعل غاضباً من «الجهاد»، خصوصاً في ظلّ الخشية من إقدام العدو على تصفية الشيخ. والظاهر أن الاحتلال استدرك ذلك بنشْر صورة للسعدي تُظهره بصحّة جيدة على رغم تَعرّضه لعدد من الجروح والإصابات. وعلى خطّ موازٍ، رفع جيش العدو حالة التأهّب على حدود غزة، إلى مرحلة تشبه ما ساد إبّان عملية «الحزام الأسود»، التي اغتيل فيها مسؤول لواء غزة في «سرايا القدس»، بهاء أبو العطا، عام 2019، فيما تفيد مصادر في «الجهاد» بأن الحركة تلقّت سيل اتصالات من الوسطاء، للحيلولة دون الاتجاه إلى التصعيد، غير أنها أبقت الأفق مفتوحاً على كلّ الاحتمالات، وسط التأكيد أن الردّ على السلوك الإسرائيلي «حتمي»، لكن طبيعته ومكانه تحدّدهما الأيام المقبلة.