جنين | اقتحمت قوّة إسرائيلية من «المستعربين» تابعة لـ«حرس الحدود»، ومعها جنود من لواء «ناحال» في جيش العدو، مساء أوّل من أمس، مخيّم جنين في الضفة الغربية المحتلّة. ولم يتأخّر المقاومون في اكتشاف أمر الاقتحام، ليسارعوا إلى تجميع أنفسهم من أجل التصدّي له، وخصوصاً بعدما تَبيّن لهم أن المستهدَف به منزل القيادي المعروف في «حركة الجهاد الإسلامي»، الشيخ بسام السعدي. ولدى وصول قوّات الاحتلال إلى محيط المنزل، تعرّضت لإطلاق نار كثيف ومباشر، اندلعت على إثره اشتباكات استمرّت لأكثر من ساعة. ومع اشتداد المواجهات، استقدم جنود العدو تعزيزات إلى المكان، فيما حلّقت مروحيّتان عسكريّتان في الأجواء تحسّباً لوقوع إصابات في صفوف المقتحِمين. وخلال الاشتباك، أعلنت «كتيبة جنين» في «سرايا القدس»، الجناح العسكري لـ«الجهاد»، أن «مجاهدينا يوجّهون الضربات المكثّفة ضدّ قوات الاحتلال وآلياته، ويحقّقون إصابات مباشرة».وبعد نحو ساعة من الاقتحام، تمكّنت القوّة الإسرائيلية من اعتقال السعدي، مع صهره أشرف الجدع. وتُبيّن مصادر محلّية أن «السعدي، على رغم أنه قيادي معروف، ويمكن القول إنه المسؤول العلني لحركة الجهاد في شمال الضفة، لم يكن من ضمن المطلوبين في الفترة الأخيرة». وتضيف المصادر إن الرجل «يتواجد في منزله وبين أسرته بشكل طبيعي، وهو يمارس حياته اليومية بين الناس في المخيم ومدن الضفة وبلداتها، وهو ليس متخفّياً»، كما لم يَخُض خلال واقعة مساء الاثنين «أيّ اشتباك مع جنود العدو، وبقي في منزله بين أسرته وأطفاله، ولذلك كان اعتقاله سهلاً نسبياً، لكن العدو حشد له عشرات الجنود والآليات، وأطلق باتّجاه الشيخ كلباً عسكرياً أصابه بجروح عدّة». ووقعت خلال العملية مواجهة بين المقاومين والقوات المقتحِمة، بالقرب من المبنى الذي كان يوجد فيه السعدي، ما أسفر عن استشهاد شاب فلسطيني. وبعد وقت قصير من الاشتباك، أعلنت «سرايا القدس» «رفْع الجاهزية لدى مجاهدينا والوحدات القتالية العاملة، تلبيةً لنداء الواجب أمام العدوان الغادر الذي تعرّض له القيادي الكبير الشيخ بسام السعدي وعائلته قبل قليل في جنين»، فيما نعتْ حركة «حماس» الشاب الشهيد ضرار رياض الكفريني (17 عاماً)، «الذي ارتقى برصاص قوات الاحتلال الصهيوني أثناء التصدّي البطولي لاقتحام مخيم جنين». وقالت الحركة، في بيان، إن «العدوان الهمجي على جنين، وما تخلّله من اعتقال للقيادي في حركة الجهاد الإسلامي بسام السعدي، بعد الاعتداء عليه وأهله بالضرب، سيُشعل المقاومة التي ستلاحق الاحتلال وقطعان مستوطنيه في كلّ مكان».
وفجر أمس، استكمل العدو حملة مداهماته واعتقالاته، حيث اعتقل 12 فلسطينياً في القرى المحيطة بمجمع «غوش عتصيون» الاستيطاني وفي طولكرم ومناطق أخرى، بحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت». جاء هذا في وقت شيّع فيه الفلسطينيون جثمان الشهيد الكفريني، بموكب انطلق من مستشفى جنين الحكومي، وجاب شوارع المدينة وسط أجواء من الغضب، وصولاً إلى منزل ذويه في المخيم، وانتهاءً إلى المسجد للصلاة عليه. وتخلّلَ التشييعَ إطلاقُ مسلّحين ملثّمين الرصاص الكثيف في الهواء، وترديد هتافات مندّدة بالاحتلال. وخلال المراسم، أكّد القيادي في «الجهاد»، ماهر الأخرس، أن «ردّ المقاومة سيكون حاضراً في كلّ وقت، والعدو الإسرائيلي يعلم هذا، لذلك فهو يتعمّد إلحاق أكبر أذى ممكن بالفلسطينيين من خلال قتلهم وهدم بيوتهم».
في المقابل، قرّر رئيس الوزراء الإسرائيلي، يائير لابيد، إجراء جلسة لتقييم الوضع الأمني بعد اعتقال السعدي، تَقرّر في ختامها اتّخاذ عدّة إجراءات وقائية في مستوطنات غلاف غزة، تحسُّباً لقرار «الجهاد» الردّ على العملية. وفي هذا السياق، رأى المراسل العسكري لقناة «كان» العبرية، أليؤور ليفي، أنه «عندما تقوم إسرائيل باعتقال صاخب لشخص مثل بسام السعدي، رئيس حركة الجهاد الإسلامي في الضفة من داخل جنين خلال أيام عصيبة، ومع قتيل خلال تبادل لإطلاق نار، يجب توجيه العيون أيضاً إلى قطاع غزة». وناشد مدير «معهد دراسات الأمن القومي» الإسرائيلي، اللواء احتياط تامير هايمان، من جهته، المستوطنين «الانصياع فوراً لتعليمات الجيش الإسرائيلي في غلاف غزة، إذ إن الجهاد الإسلامي لديه قدرة عالية على تفعيل النيران المباشرة (القنص والنيران المضادة للدروع) كما فعل ذلك في حارس الأسوار»، عقب اغتيال القيادي الكبير في «سرايا القدس»، بهاء أبو العطا، في قطاع غزة.