أعدّ عدد من الاقتصاديّين اللبنانيّين ورقة تتضمّن عدداً من الإجراءات التي يرونها ضرورية للخروج من الأزمة الخطيرة التي يمرّ بها الاقتصاد اللبناني اليوم. وهم يعتبرون أن هذه الأزمة وضعت البلد أمام مفترق طرق تاريخي، بعدما تفكّكت المرتكزات الاقتصادية والسياسية للنمط الريعي السائد منذ التسعينيات، من دون أن تتمكّن القوى الحاكمة من إيجاد أيّ بديل قابل للحياة.وخلص الموقعون على الورقة الى أنه في مواجهة هذا المأزق، لا بديل من طرح رؤية اقتصادية تؤسس لنموذج اقتصادي جديد، لا يحلّ فقط الأزمة الحالية ــــ المتمثلة بتزامن العجزين التجاري والجاري الكبيرين وتلاشي معدلات النمو وارتفاع معدلات البطالة وتراجع التدفقات المالية الخارجية، وإنما يبني أيضاً اقتصاداً جديداً يؤمن التطور والتنمية والعدالة الاجتماعية.
وفي هذا الإطار، طرح الاقتصاديون: كمال حمدان، ألبير داغر، غسان ديبة، محمد زبيب، جاد شعبان، أمين صالح، سامي عطا الله، جورج قرم، دان قزي، مفيد قطيش وديمة كريّم، الإجراءات الآتية:
1- إجراء تغيير جذري في أسس الاقتصاد اللبناني وتحويله من اقتصاد ريعي يدمر البيئة وتستفيد منه القلة إلى اقتصاد إنتاجي متوازن ومستدام يستجيب لمصالح الأكثرية في كل مناطق لبنان. وهذا الأمر يتطلب إجراءات لتحويل الموارد من الريع والممارسات الاحتكارية الطابع الى الإنتاج التنافسي عبر نظام ضريبي حديث وعبر الاستثمار العام في البنى التحتية التي تدعم القطاعات العالية الإنتاجية والتصديرية، وفي طليعتها قطاع الكهرباء والاتصالات.
2- إجراء إصلاح ضريبي جذري وعادل يؤمن موارد جديدة لبناء الدولة العصرية ويخفض العجز وتراكم الدين العام الذي تستفيد منه القلة التي تستثمر في أدوات الدين. وتقضي أسس هذا النظام الضريبي الجديد باعتماد التصاعدية ورفع الضرائب على شطور الأرباح والريوع والفوائد واستحداث ضريبة على الثروة وزيادة معدلات الضربية على توريث الثروات الكبرى.
3- العمل على حلّ معضلة الدين العام وتراكمه وإزالة شبحه عن الاقتصاد اللبناني وعن الأجيال المقبلة، وذلك عبر تحويل المصرف المركزي لسندات الخزينة اللبنانية التي يمتلكها إلى سندات بفائدة متدنية، وعبر التفاوض مع المصارف التجارية الحاملة لجزء كبير من الدين العام على تخفيض الفائدة على السندات التي تحملها، وعلى استرداد الأموال العامة التي حوّلت إليها من خلال الهندسات المالية المتعاقبة عبر إخضاعها لضريبة استثنائية.
حل معضلة الدَّين وإصلاح ضريبي وتفكيك الاحتكارات في دولة الرعاية الاجتماعية


4- التمسك بتفكيك الكتل الاحتكارية المتحكمة بأسواق الغذاء والمحروقات والدواء والاسمنت والطحين وغيرها، والتي تختبئ خلف ستار الوكالات الحصرية، وتحظى بدعم كبير من جانب قوى نافذة داخل السلطة.
5- التأسيس لسياسة صناعية جديدة ومتطورة من أجل دعم قيام الاقتصاد الإنتاجي ونقل التكنولوجيا ومماهاة الاقتصاد اللبناني مع التطور العلمي وارتفاع مستوى المهارات لدى الشباب اللبنانيين، بما يحفّز زيادة الإنتاجية والأجور ومعدلات النمو ويعزّز سحب آثار التنمية الصناعية على باقي القطاعات الاقتصادية.
6- بناء دولة الرعاية الاجتماعية التي تجسّد حقّ اللبنانيين في العلم والطبابة والاستشفاء والسكن والتقاعد والحفاظ على البيئة، الى جانب تطوير برامج للقضاء على الفقر والتهميش اللذين يعاني منهما أكثر من ثلاثين بالمئة من اللبنانيين.