لا يزال فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي يتقدم على بقية الأجهزة الأمنية في ملاحقة شبكات يشتبه في أنها تعمل لمصلحة العدو الإسرائيلي. ويتحفظ ضباط الفرع عن الحديث عن آخر تطورات هذا الملف لعدم التأثير في التحقيقات وعلى كشف مزيد من الشبكات. وعلى خط مواز، فعّلت مديرية الاستخبارات في الجيش عملها التقني في هذا المجال، وأجرت تحقيقات مع مشتبه فيهم ومع عدد من الأشخاص ممن يتواصلون مع جهات وشركات أجنبية طلباً للعمل لتنبيههم إلى أن بعض الاتصالات تؤدي للعمل مع العدو. فيما تتولّى المديرية العامة للأمن العام، من جهتها، متابعة ملفات لعدد من المشتبه في تواصلهم مع العدو.ومن جانب المقاومة، فإن نشاط مكافحة التجسس الإسرائيلي متواصل على مدار الساعة وعلى أكثر من صعيد، وقد أدّى ذلك إلى «نتائج كبيرة»، لكن القيّمين على الأمر يرفضون الكشف عن أي تفاصيل ويحيلون إلى الأجهزة الأمنية اللبنانية.
مرجع معني أكّد لـ«الأخبار» أن الوسيلة التي يعتمدها العدو في تجنيد لبنانيين أو مقيمين في لبنان، هي نفسها التي بدأها قبل فترة، وتقوم على بناء شبكات على مواقع التواصل مهمتها اصطياد هؤلاء بعد تقديم عروض لهم بالعمل لمصلحة جهات غير حكومية. ولفت إلى أن العدو لا يبدو قلقاً حيال كشف بعض هؤلاء، خصوصاً أنه يعمل على تجربة كل المتواصلين معه، ويطلب منهم أنشطة تبدو غير منطقية أو غير ذات أهمية، لكنها تكون أساسية بالنسبة للمشغّل الإسرائيلي، قبل أن ينتقل إلى مرحلة ثانية من إدارة التواصل مع العميل والطلب منه القيام بأعمال «خطيرة»، وعندها يتم تحديد ما إذا كان «المتعاون» قد قرّر الاستمرار في العمل أم لا. علماً أن بعض من أُوقفوا أقروا بأنهم كانوا يعلمون بأنهم يتعاملون مع العدو، وبرّر بعضهم الأمر بموقف سياسي معاد لحزب الله، فيما تبيّن أن آخرين، وهم بالعشرات، لم يكونوا يعرفون مع من يتعاملون، لكنهم أقروا بأن العروض المالية والخدمات غير المتعبة هي التي شجعتهم على العمل.
تبيّن أن عشرات من الموقوفين لم يكونوا يعرفون مع من يتعاملون


وتحدث المرجع عن عملية كبيرة تشمل مئات ممن وضعوا تحت المراقبة، وهم لبنانيون ومن جنسيات أخرى، وبعضهم يعمل في مؤسسات ذات شأن. وأوضح أن العملية معقدة، لكنها تحتاج إلى وقت طويل للتثبت من الوقائع، لأن المشغّلين الإسرائيليين يعتمدون وسائل عشوائية ولا يربطون بين عميل وآخر إلا في حدود ضيقة.
وفي هذا السياق، كان لافتاً في الأسبوعين الماضيين توقيف فرع المعلومات مشتبه فيهم في بيروت والجنوب، تبين أن غالبيتهم من أبناء قرى العرقوب في قضاء حاصبيا. ومن بين هؤلاء امرأة ثلاثينية (ل. ر.) أوقفت في بيروت، وهي من قرية كفر حمام وتحترف التصوير الفوتوغرافي للمناسبات. واشتهرت خلال الحملة الانتخابية لانتخابات 2018، ونشرت صوراً لها أثناء رحلة إلى دبي. وبحسب المعلومات، فإن عائلة ل. ر تركت البلدة خلال الاحتلال الإسرائيلي وأقامت في منطقة عائشة بكار قبل أن تنتقل للسكن في شارع معوض في الضاحية الجنوبية. وبعد تحرير الجنوب، عاد والدها إلى مسقط رأسه حيث تفرغ للزراعة، فيما بقيت في بيروت لإكمال دراستها، وتزوجت من شاب سوري. وبحسب أهالي البلدة، لم يعرف عن العائلة أي انتماء سياسي أو حزبي لا قبل التحرير ولا بعده، وأن الموقوفة لم تتردد إليها إلا قليلاً. فيما يتناقل الأهالي بأن إحدى شقيقاتها متزوجة من العنصر في جيش لحد خلال الاحتلال علي خ. (ابن كفر حمام) الذي ترشح للانتخابات البلدية لدورتين آخرهما في 2016.
وفي السياق نفسه، أوقفت قوة من فرع المعلومات حضرت من بيروت ح. ش.، في مزرعة حلتا التابعة لبلدة كفرشوبا (قضاء حاصبيا). وبعدها بشهر واحد، أوقف الفرع ك. ع. ع. من حلتا أيضاً. علماً أن الأول أوقف سابقاً بتهمة السرقة، لكنه تقرب لاحقاً من سرايا المقاومة، فيما يعمل الثاني مغنياً وكانت أوضاعه المادية عادية، وفق عارفيه، قبل أن تتبدّل أحواله أخيراً بعد عمله في استيراد بضائع مختلفة وسفره المتكرر إلى الخارج.
من جهة أخرى، تحدثت مصادر عن تمكن ثلاثة من المشتبه في تعاونهم مع العدو من الفرار إلى خارج لبنان. ولم يعرف ما إذا كان هؤلاء قد تلقوا تحذيرات من العدو أم أنهم اكتشفوا أن الأجهزة الأمنية تمكنت من رصدهم.