فيما يتواصل السجال السياسي حول مصير الحكومة والبحث في الاستحقاق الرئاسي، كان لبنان أمس على موعد أولي مع فرصة كسر العتمة الشاملة. إذ عادَ موضوع الهبة الإيرانية من الفيول إلى الواجهة، مع إجراء الوفد اللبناني التقني الموجود في طهران محادثات «ناجحة» مع المسؤولين الإيرانيين، سيعد بنتيجتها تقريراً لوزير الطاقة وليد فياض فور عودة الوفد إلى بيروت غدا.وأكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، أمس، أن «مسألة إرسال وقود مجاني إلى لبنان لم تطرح»، فيما لفت إلى أن «طهران تحاول مساعدة بيروت على حل مشكلاتها الاقتصادية». وكالعادة، استخدم كلام كنعاني للتصويب على الهبة باعتبار أن «الكلام عنها كذبة وغير صحيح»، قبلَ أن تعلن السفارة الإيرانية في بيروت أن «السفن المحمّلة بالفيول الإيراني ستكون جاهزة خلال أسبوع أو أسبوعين للإبحار إلى لبنان والرسو في الميناء الذي يحدّده الجانب اللبناني». وفي كلام لقناة «المنار» أشارت مصادر السفارة إلى أن الوفد اللبناني الموجود في إيران يجري محادثات مع وزارتي الطاقة والنفط الإيرانيتين حول ثلاثة مواضيع هي: مساعدة لبنان في مجال الفيول وفق الاتفاق مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الطاقة والمياه وليد فياض، إصلاح شبكة الكهرباء وبناء معامل لتوليد الطاقة الكهربائية.
وأكّدت مصادر مطلعة لـ «الأخبار» أن «الجانب الإيراني أكد جاهزيته لإرسال باخرة من الفيول أويل، لكن يحتاج إلى عملية استبدال كما يحصل مع الفيول العراقي ليوافق المواصفات اللبنانية». وفي ما يتعلق بالمعامل، قالت المصادر إن «وفد وزارة الطاقة غير مختص بالمعامل بل بالمشتقات النفطية»، و«إذا كانت الحكومة اللبنانية جدية فعلاً وصادقة النية فإن الأمور تسير باتجاه إيجابي».

الملف الحكومي
في غضون ذلك لم يُبدّد الارتياح الناجِم عن «تبريد» الأجواء الحكومية المخاوِف من عرقلة تشكيلها مُجدداً. علماً أن ورشة تذليل التعقيدات التي كانت تعترض تعويم الحكومة المستقيلة لا تزال مستمرة، وقد رست أخيراً على تراجع الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي عن سقوفهما وفقَ قاعدة «إبقاء الحكومة الحالية مع إجراء تعديلات تطاول عدداً من الوزراء فيها، سني وشيعي ودرزي ومسيحي». وإذا كانَ ثبات رئيس الجمهورية على موقفه من «حقه في تسمية الوزيرين الدرزي والسني بدلاً من وزير المهجرين عصام شرف الدين ووزير الاقتصاد أمين سلام» قد يعكِس صعوبة ما زالت تعتِرض بلوغ مرحلة الإعلان عن ولادة حكومة جديدة، أشارت مصادر مطلعة إلى أن «ميقاتي في الأسبوعين الأخيرين صارَ مقتنعاً بأن عناده سيكون أكثر كلفة من تشكيل حكومة تكون لرئيس الجمهورية وفريقه حصة وازنة فيها». إذ في اللحظة التي تترافق فيها عملية خلط الأوراق في ما يتعلق بالأسماء والمواصفات، فإن الجميع ينصَت إلى الفراغ الدستوري في حال فشل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، مؤكدة له أنه «في هذه الحالة لن يواجه عون والتيار الوطني الحر وحدهما بل سيضع نفسه في وجه كل المرجعيات المسيحية، الدينية منها والسياسية، لأن أحداً منها لن يقبَل بأن تستولي حكومة تصريف الأعمال على صلاحيات رئيس الجمهورية وسيكون هو في وضع حرِج».
وقالت المصادر إن «اليومين الماضيين لم يحمِلا جديداً على صعيد التسمية، في وقت تراجع فيه اسم الوزير السابق صالح الغريب باعتبار أنه لا يجوز تعيين شخصية استفزازية لرئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط، رغم الرسالة التي حملها الوزير وائل أبو فاعور لميقاتي بأن جنبلاط لن يتدخل في التسمية، «لكن لا يُمكن إلا مراعاة جنبلاط بينما لا تزال قضية قبرشمون مفتوحة». وأضافت المصادر أن «الرئيس عون لم يكشف بعد عن الأسماء التي يريدها وأنه في انتظار عودة رئيس الحكومة من الخارج».
البخاري أبلغ جنبلاط رفض الرياض رئيساً من 8 آذار أو مقرباً من حزب الله


من جهة أخرى، وفي إشارة واضحة إلى «عودة» الرياض إلى لبنان من بوابة الاستحقاق الرئاسي، زار السفير السعودي في بيروت وليد البخاري كليمنصو حيث التقى جنبلاط للبحث معه في الملف الرئاسي. وتأتي هذه الزيارة بعدما كُشف عن لقاءات في باريس ضمّت المستشار في الديوان الملكي نزار العلولا والبخاري ومستشار الرئاسة الفرنسية السفير باتريك دوريل ومسؤولين فرنسيين آخرين للبحث في الاستحقاق اللبناني. وقالت مصادر اللقاء إن «البخاري وضع جنبلاط في جو هذه اللقاءات وأبلغه الموقف السعودي من الاستحقاق، ورفض الرياض أن يكون رئيس الجمهورية المقبل من فريق 8 آذار أو مقرباً من حزب الله».
في سياق آخر، وفيما يعيش قصر «العدل» غلياناً قضائياً وشعبياً بفعل اعتكاف القضاة وتحركات الأهالي (أهالي الضحايا والموقوفين في انفجار مرفأ بيروت، وأهالي الموقوفين في قضية اقتحام المصارف) علمت «الأخبار» أن رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبّود أجّل الجلسة التي كانَ من المقرر عقدها أمس للبت في اسم القاضي الرديف للمحقق العدلي في القضية القاضي طارق البيطار. ووفقَ مصادر «العدلية» فإن الجلسة ستُعقد اليوم في حال لم يُعمَد إلى تأجيلها مرة جديدة تهرباً من تنفيذ القرار، كاشفة أنه «اجتمع قبل يومين، بناء على طلب منه، مع بعض أهالي الضحايا المعروفين بانتمائهم الحزبي».