لا يمكن ربط الحالة النفسية غير المستقرة للاعبي الكرة بسببٍ جوهري واحد، فشعور الانهزام والاكتئاب يتولّد بسبب العديد من العوامل المختلفة. توليفة بسيطة من المشاعر المحبطة مع القليل من انهدام الثقة بالنفس وخليط من التساؤلات الوجودية كافية كي تدفع باللاعب إلى الحضيض النفسي. وهنا نستعرض أبرز الأسباب التي من الممكن أن تؤثر على الصحة النفسية للاعبي كرة القدم:
عوامل بيولوجية
تشمل الأسباب البيولوجية للاكتئاب المكونات الوراثية والفزيولوجية التي تشكّل الفرد. يرتبط السبب الجذري للاكتئاب بمستويات المواد الكيميائية المختلفة في المخ، إلى جانب مجموعة من العوامل الوراثية والتركيبة الكيميائية للدماغ. وفي حال ارتباط الحالة النفسية للاعب بمشاكل بيولوجية، فالأمر يستلزم تناول بعض الفيتامينات والأدوية التي تساعد في ضبط الحالة المزاجية والتعامل مع الهرمونات والجينات التي تسببت في الاكتئاب.

العوامل النفسية
خلال رياضة جماعية مثل كرة القدم، يتعرض اللاعبون إلى ضغوط مرتبطة بكونهم جزءاً من الفريق. يتضمن ذلك الضغط المرتبط باختيار التشكيلة المناسبة، الأخطاء الفردية والجماعية إلى جانب محاولة مواءمة الأهداف الشخصية مع أهداف الفريق، مما يلقي قلقاً مستمراً على عاتقهم.
كما أنّ احتراف كرة القدم يتطلب التنقل الدائم للاعب إلى بلدان جديدة لخوض تجارب مع أندية مختلفة، مما يعني أنّ اللاعب يقضي الكثير من الوقت في مدن وبيئات جديدة بعيداً عن العائلة والأصدقاء. وحتى في حال انتقال العائلة للانضمام إليه، إلا أنه يقضي وقتاً طويلاً في المنافسات والبطولات الخارجية، وهذا الأمر يمكن أن يؤثر عليه نفسياً بسبب ضعف الدعم الاجتماعي الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى شعوره بالوحدة.

«السوشال ميديا»
تلعب مواقع التواصل الاجتماعي تلعب دوراً بارزاً في زيادة الضغط النفسي على اللاعبين، من خلال حملات السخرية والاستهزاء التي يتعرضون لها في حال ارتكابهم خطأ ما داخل الملعب. والأمر لا يقتصر على ذلك، إذ إنّه يتم مضايقة اللاعبين أيضاً عبر التقاط صور لهم في الأماكن العامة ونشرها على تلك الصفحات، مما يشكل تعدياً على خصوصيتهم التي أصبحت مستباحة على هذه المنصات.

الاعتزال
بمجرد اعتزال اللاعب، غالباً ما يستسلم للحرية التي يحصل عليها فيما يتعلق بما يأكل وكيف يبدو، ولهذا نجد العديد من اللاعبين الذي يكسبون وزناً إضافياً بعد تعليق أحذيتهم. حتى في حال محاولتهم الحفاظ على مستوى عالٍ من النشاط، إلا أنهم يجدون أنفسهم مضطرين للتعامل مع انخفاض الأداء المرتبط بالعمر، وهذا ما يؤدي إلى تغييرات جسدية تؤثر سلباً على ثقتهم بأنفسهم، التي تتزعزع أيضاً بسبب شعورهم بالإهمال من قبل وسائل الإعلام والمشجعين الذين تنخفض متابعتهم للاعب واهتمامهم بأخباره.

الإصابة
احتمال الإصابة بالاكتئاب في الرياضات الفردية أعلى منه في الرياضات الجماعية، وذلك بسبب الترابط والدعم الذي يجمع اللاعبين ويجعلهم يشعرون أقل وحدة. ولكن رغم ذلك، إلا أنّه عندما يصاب أحد اللاعبين فإنه يتم فصله عن باقي الفريق للحصول على علاج خارج النادي. وحتى عندما يبقى داخل النادي، فإنّ جداوله ومواعيده تكون مختلفة عن سائر الفريق، مما يخلق لديه شعوراً بالعزلة والوحدة، لا سيما وأنّ الإصابة تترافق مع مشاعر الغضب والإحباط والصدمة مما يؤدى إلى تولّد شعور كبير بالانزعاج والاكتئاب لدى اللاعب في نهاية المطاف، خاصة إذا كانت الإصابة خطيرة وتتطلب مدة تعافي طويلة.