ليست إقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع عدد من الدول العربية ــــ على أهميتها ــــ غاية في ذاتها لإسرائيل. إذ إن مستوى العلاقات، كما هو اليوم، بما يشمل التفاهمات على «حق» تل أبيب في فعل ما تشاء ضدّ الشعب الفلسطيني وقضيته، كافٍ في ذاته، وإن تأجّل إعلان العلاقات الدبلوماسية الكاملة. تؤكد هذا المنحى مواقفُ وتصريحات صادرة عن كبار المسؤولين الإسرائيليين، وفي المقدمة رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، الذي يشدد على أن إسرائيل نالت من «الدول السنية» في المنطقة، وخاصة الخليجية، ما لم تكن تتخيّل حصوله في الماضي.واحدة من الدول الخليجية الرائدة في «التفاهم» مع إسرائيل، هي الإمارات، التي خطت خطوات متقدمة جداً مع الجانب الإسرائيلي في كل المجالات بلا استثناءات، سواء لجهة العلاقات العسكرية والتزوّد بالسلاح الإسرائيلي والتدريبات المشتركة، أو لناحية الشراكات الاقتصادية، أو لجهة التفاهم السياسي والاستراتيجي وسلة المصالح الكبرى بين الجانبين، وفي المقدمة تشخيص هوية الصديق وهوية العدو.
قبل أيام، كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، في تقرير، أن إسرائيل باعت أبو ظبي أعتدة استخبارية، وحسّنت طائرات «إف 16» الأميركية الممنوحة لها. التقرير، الذي وجد صداه كالعادة في وسائل الإعلام العبرية، تنامى في تعليقات المراسلين وكتابات الخبراء الإسرائيليين، ليكشف مزيداً من أوجه العلاقات، التي تبقى في العادة حبيسة الغرف المغلقة.
يتفاخر نتنياهو بأنّ إسرائيل نجحت في إرساء تعاون مثمر مع «الحلف السنّي»


في تعليقها على الكشف الجديد في «نيويورك تايمز»، أكدت صحيفة «معاريف» أن «عالماً كاملاً» يستتر من وراء تقرير الصحيفة الأميركية، الذي يلقي الضوء على حجم العلاقات السرية بين إسرائيل وأبو ظبي وطبيعتها، و«هي علاقات يمكن أن نستنتج منها ماهية العلاقات الخاصة المتطورة مع دول سُنّية إضافية»، كما يرد في تقرير «معاريف». وتشير الصحيفة إلى أن العلاقات مع أبو ظبي بدأت «تحت الرادار» منذ أكثر من عشر سنوات، وبرعاية من المؤسسة الأمنية الإسرائيلية (الموساد) التي فرضت تعتيماً عليها إلى أن كشفها رجل الأعمال الإسرائيلي، ماتي كوخافي، الذي يتفاخر بأنه فاز بـ«عقود دسمة» من أبو ظبي لتزويد الإمارة بأعتدة في مجال الأمن الداخلي، وحماية آبار النفط والغاز. ومن الأسماء الإسرائيلية التي ترد في تقارير غربية عن العلاقات مع الإمارات، أسماء مسؤولين في المؤسسة الأمنية، بينهم رئيس جهاز «أمان» الأسبق عاموس مالكا، وقائد سلاح الجو الأسبق إيتان بن إلياهو، وآخرون.
ويلفت معلق الشؤون الاستخبارية والأمنية في «معاريف»، يوسي ميلمان، إلى أن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، يكثر من التفاخر بأن إسرائيل نجحت في إرساء تعاون مثمر مع ما يسمّيه «الحلف السنّي»، الذي تشكل الإمارات والسعودية والبحرين والمغرب (وطبعاً الأردن ومصر اللتان تقيمان علاقات دبلوماسية مع إسرائيل) مداميك مهمة فيه. أساس «التعاون» هو في مجالات الاستخبارات ومبيعات الأسلحة، ويُكشف عنه فقط كل مدة عندما تتحدث عنه وسائل إعلام دولية. وبحسب «معاريف»، فقد لا تقفز العلاقات إلى العلن، «لكن لدى نتنياهو وحكومته الأمر كافٍ، ما دامت الدول السنية توفر لإسرائيل مكسباً إضافياً: مقابل الأسلحة والمعلومات الاستخبارية من إسرائيل، تخلّت هذه الدول عن الانشغال بالمشكلة الفلسطينية، ومنحت إسرائيل ضوءاً أخضر لفعل كل ما يحلو لها تقريباً».
ومن أوجه التقارب العربي مع إسرائيل والتطبيع معها أيضاً، الحرص الإسرائيلي ــ السعودي على الشعاب المرجانية في البحر الأحمر، الذي يدفع المملكة إلى مشاركة إسرائيل في مهمات «إنقاذ البيئة البحرية». في ذلك، كشفت صحيفة «هآرتس» قبل يومين أن باحثين من إسرائيل انضمّوا أخيراً إلى تعاون إقليمي يهدف إلى إنقاذ الشعاب المرجانية في البحر الأحمر، لافتة إلى أن «الجهد البحثي، الذي يدار من سويسرا، يضمّ إلى جانب الإسرائيليين، باحثين من دول تشرف على البحر الأحمر، بينها السودان والسعودية ومصر والأردن». ومن بين الهيئات الأكاديمية التي ستشارك في «التعاون» وتبادل الخبرات والتنسيق الإقليمي، مراكز بحثية إسرائيلية، إلى جانب محطة الأبحاث الأردنية في خليج العقبة، وجامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا في السعودية.