الحسكة | تصاعد نشاط تنظيم «داعش»، أخيراً، في بادية حمص، وصولاً إلى مثلث الحدود السورية ـــــ الأردنية ـــــ العراقية، حيث يبدو واضحاً سعي خلايا التنظيم المستمرّ لضرب الطرقات الرئيسة التي تمرّ في عمق تلك البادية، ومحاولة قطعها. ويترافق ذلك مع تراكُم معطيات حول وجود أعداد إضافية من خلايا «داعش»، بدأت تَنشط من البوكمال إلى الميادين والسخنة، وصولاً إلى مشارف التنف، أو ما تُعرف الآن بمنطقة الـ«55 كلم» الأميركية، والتي تحيط بقاعدة التنف العسكرية، وينشط فيها فصيل «جيش سوريا الحرة». وفي وقت لم تسجِّل فيه هذه المنطقة، الخاضعة لسيطرة الأميركيين والفصائل الموالية لها، أيّ هجمات لخلايا التنظيم منذ فترة طويلة، شهدت مناطق سيطرة الجيش السوري المحاذية، هجومَين متتاليَين، خلال أقلّ من أسبوع واحد، أوديا بحياة 57 شخصاً. إذ استغلّ "داعش" الانشغال بتداعيات الزلزال المدمّر، لينفّذ هجوماً على مجموعة مدنيّين يعملون في جمع فطر «الكمأة» في بادية السخنة في ريف حمص، ما أدّى إلى مقتل 4 منهم. وبعدها بأيام قليلة، عادت خلايا التنظيم لتشنّ هجوماً على مجموعة أخرى من المدنيين كانت تعمل في جمع «الكمأة» أيضاً، ما أدى إلى مقتل 53 شخصاً.وأكدّت مصادر أهلية من المنطقة، لـ«الأخبار»، أن «التنظيم نفّذ هجومَيه عبر عدد كبير من الدراجات النارية»، مشيرة إلى أنه «يتعمّد عدم استخدام السيارات إلا بعدد محدود خشية من الاستهدافات الجوية، أو رصْد مناطق انتشاره في عمق البادية المترامية الأطراف». واللافت أن الهجومَين وقعا على مسافة قريبة من منطقة الـ«55 كلم»، إلى الشرق من بلدة السخنة، ما يضاعف الشكوك في كوْن الأميركيين، أو الفصائل الموالية لهم، يؤمّنون دعماً ما لعناصر «داعش». وفي هذا المجال، تؤكد مصادر ميدانية أنه «تمّ رصد نشاط غير اعتيادي لقوات الاحتلال الأميركي، في منطقة الـ 55 كلم في عمق البادية السورية، خلال الأسابيع الأخيرة»، مرجّحة «قيام قوات الاحتلال الأميركي بنقل عدد من عناصر التنظيم من سجون قسد، باتجاه قاعدة التنف، وإطلاقهم باتجاه البادية التي يسيطر عليها الجيش السوري»، مضيفة إنه «تمّ أيضاً رصْد حركة تنقّل مشبوهة، يُعتقد أنها لخلايا داعش باتجاه البادية في منطقة المزارع في مدينة الطبقة في ريف الرقة». وتَلفت المصادر إلى أن «الأميركيين لا يريدون أيّ استقرار للطريق الدولي الذي يربط دمشق ببغداد، ويعتمدون على هذه الخلايا لضرب الاستقرار عليه».
التنظيم نفّذ هجومه الأخير عبر عدد كبير من الدراجات النارية

وتشير إلى أن «الجيش السوري تمكّن من متابعة المجموعات التي نفّذت الهجمات الأخيرة في بادية حمص، ونجح في القضاء على معظم أفرادها، مع استعادة آليات كانوا قد استولوا عليها بعد الهجوم». من جهة أخرى، تعتقد المصادر الأمنية السورية أن تركيز التنظيم هجماته على المدنيين الذين يعملون في جمع «الكمأة»، مردّه إلى «سعيه للاستحواذ على هذه التجارة، سواء عبر احتكارها، أو حمل التجار الذين يعملون فيها على دفع إتاوات له».
في هذا الوقت، يشهد مخيم الركبان ومنطقة التنف توتراً بين فصيل «جيش سوريا الحرة»، والمجالس المحلّية والعشائرية، نتيجة سلسلة اعتقالات نفّذها الفصيل بحق عدد من المدنيين. وعلى هذه الخلفية، أصدر «المجلس المحلي في مخيم الركبان» بياناً استنكر فيه «حملة الاعتقال التي قام بها جيش سوريا الحرة بحق عدد من الناشطين»، محمّلاً «إيّاه مسؤولية محاربة النشاط المدني، ومطالباً بإطلاق سراح المحتجزين بشكل فوري». وتؤكّد مصادر من المنطقة، لـ«الأخبار»، أن «قائد جيش سوريا الحرة، المدعو فريد القاسم، يقود حملة اعتقالات لأشخاص يطالبون بإعادة القائد السابق للفصيل مهند الطلّاع إلى قيادة التنظيم مجدداً»، مشيرة إلى أن «الأميركيين منحوا القاسم مهلة لإنهاء حالة الانقسام الموجودة، مع التهديد بإعادة الطلّاع»، مضيفة إن «القاسم لم يتمكّن حتى الآن من تحقيق أيّ إنجازات تُذكر، لجهة لمّ شمل الفصائل والمجالس المحلية، ما يهدّد بإنهاء مهمّته في أيّ لحظة».