جداريّات النضج في «غاليري صالح بركات»
ثلاثة معارض وتجهيز، صُهرت كلّها في معرض ملحمي واحد جاء تحيةً للشاعر أبولينير. في «غاليري صالح بركات» في كليمنصو، استنهض أيمن بعلبكي (1975) الحركة التشكيلية اللبنانية، منطلقاً بها إلى مصافٍ عالمية وسلَّم قياسٍ «بارثينوني»، فروى عطش مدينةٍ كانت مرةً نبض الحركة التشكيلية في المنطقة. أعاد الفنان الشاب لبيروت عزها الفني، محلقاً بها، وراسماً حدوداً جديدة وأفقاً أوسع وسقفاً أعلى للإمكانيات التشكيلية اللبنانية في خارطة الفنون العالمية. في حوار مع «الأخبار»، يتحدث أيمن بعلبكي عن البعد الآخر لمعرضه Blowback: البُعد الملتزم والمعاني السياسية الناضجة في ذهنه، ومضامين معرضه: أن يبني اللوحات الأضخم ويهدي الزائر مروحة أوسع من التقنيات الماكنة الغنية المدهشة، ويربط الخاص بالعام ويمزج الفني بالسياسي. أن يمسك التاريخ بيده ويقدمه عصارةً بحثية بصرية. هذا هو أيمن بعلبكي الذي قدَّم في بيروت وعنها وحدودها وحربها واخواتها في المنطقة، معرضه الجديد «بلوباك».
ضخامة اللوحات الـ «هرقلية» وعظمة التقنية، تذكران أولاً بالتشكيلي الألماني العملاق انسلم كيفر

يصف بعض المتخصصين أعمال بعلبكي بـ «ما بعد بولوكيّة» (نسبة إلى المعلّم الأميركي جاكسون بولوك). لكن لا شك في أنّ ضخامة اللوحات الـ «هرقلية» وعظمة التقنية، تذكران أولاً بالتشكيلي الألماني العملاق انسلم كيفر. وقد تحيلنا الذاكرة البصرية تقنياً إلى المعلم الكبير كارل ابل، أو حتى إلى المبدع كوكوشكا بمزيجه الشهي المدموج في التقميشة. ثم نقترب من لعبة جاكسون بولوك التقنية، أو لعلّ بعلبكي جمع في شخصه، عبر هذا المعرض «مجموعة غوتاي» اليابانية الطليعية (من مرحلة «فن ما بعد الحرب»)، لمَ لا؟ فالضوء/ النيون موجود، والحركة/ الفعل موجودة، وكذا لعبة الاختبار التقني وصناعة المادة، كما الابتكار والتجهيز. والأهم الشعار: «لا للتقليد! نعم للإبداع!».
مجموعة فنانين في فنان نموذجي واحد، وثلاثة معارض مصقولة موحدة في مساحة صالح بركات المتحفية نفذها بعلبكي، بعدما هندسها وبناها ثم صاغها ونسج تفاصيل فكرتها بعمق ودقة وذكاء، وصهرها في معرض نوعي موحد، من «حدود الدماء» مروراً بـ «منطقة خالية من الأعلام»، وصولاً الى «بلوباك»، متوّجاً المعرض- المتحفيّ بعمل تجهيزي أتى كتحية خاصة للشاعر غيّوم أبولينير (1880 ـــ 1918).

جوهرة من البندقية

العمل «التحية» صنع من «زجاج مورانو» (نسبة الى جزر مورانو في البندقية) الذي يعتبر نوعاً خاصاً اشتهر عبر التاريخ في صنع المجوهرات والتحف الزجاجية. التجهيز الذي حمل عنوان «أفاريز الخيول»، عبارة عن جوهرة ضخمة تتوسط «الهيكل» كقِبلة. يوم الافتتاح، كان الزوار يحجّون حولها بحركة شبه دائرية صوفية يتأمّلونها ويسألون عن ماهيتها وتقنيتها والقصة الكامنة وراءها. يعلّق بعلبكي على إشكالية جوهرته هذه، قائلاً: «هذا الشكل من الحواجز انتهى تحديداً تزامناً مع بدء التقسيم عندنا في المنطقة. هذه العوارض أو الحواجز ضد الخيالة والخيول Chevaux de Frise لم نعد نراها بعد عام 1914. عملياً، لم تعد هناك أحصنة وفرقة خيّالة تخوض الحروب المعاصرة. عندما قرأت قصيدة أبولينير «شوفو دو فريز»، قررت أن أصنع واحداً من هذه الحواجز القديمة لكن من زجاج. المفارقة أنّ القصيدة كانت غزلية موجهة إلى حبيبته، إذ كان الفنانون يعتبرون استعمال أي شيء كوسيط تعبيري – مثل الأفاريز والحواجز مثلاً- فعلاً حداثوياً. وما لفتني أكثر هو اعتبار أبولينير حادثة «مواء الشعب» عند عودة الجيش الفرنسي مهزوماً من معاركه في الحرب العالمية الأولى، أول «فعل سياسي» حقيقي، بحيث يكون الشعب قد سبق المثقفين في ذلك بأشواط، سواء أولئك الذين تحوّلوا لاحقاً الى يسار وتقدميين مثل بيكاسو (صديق أبولينير) أم غيرهم. الشعب بشكل ما قد وعى فطرياً لفكرة «الدولة الأمة» وحتى فكرة الحدود». حدود رسمها بعلبكي بأكثر من قالب تشكيلي وتقني، فما هي هذه الحدود؟ وما هي هذه التقنيات؟
«حدود الدماء»
«حدود الدماء» أو Blood Borders التي خصص لها بعلبكي مجموعة من الأعمال، هي كناية عن عشرات اللوحات لحواجز اسمنتية. بدأ الفنان الشاب العمل عليها منذ عام 2013 وأكملها عام 2016. يقول لنا: «تعاملت مع اللوحات الصغيرة هذه على أنها التخطيط للأعمال الكبيرة. بالنسبة إلى طريقة التشكيل، صحيح أنها أعمال منجزة كاملة، لكن في ذهني كنت أتعامل معها كأنّها ورق مدمّج بالقماش، تخطيطات لا بد منها للأعمال الكبيرة». في هذه اللوحات، ما زالت ضربة الريشة واضحة، قبل أن نشهد التحول التقني في اللوحات العملاقة لاحقاً.
إلى جانب لوحات حواجز الاسمنت، نجد أيضاً أعمالاً من «زجاج مورانو» لحواجز من نوع آخر سبك أيمن بعضها منذ عام 2013. هي جواهره الكبيرة التي تترك الزائر أمام حيرة إزاء ثلجيتها أو تجمدها أو بريقها. عن هذا الجزء الذي يشكل شبه معرض أيضاً داخل المعرض الكبير، يوضح بعلبكي لنا: «لقد اعتبرت أنه وفق المنطق عينه الذي تستخدم فيه الحواجز اليوم، خاصة حواجز الحديد المعروفة بـ «ايريسون تشيك» أو «القنفذ التشيكي» الذي وظِّف كمعرقل للدبابات وجنازيرها بهدف وقف المد النازي في البداية، ها هي تستعمل في لبنان لنقاط التفتيش فقط. بذلك، صار الأمر أشبه بعمل كشفي أكثر من كونه فعلاً حربياً دفاعياً لوقف الدبابات». بالتالي، تغيرت وظيفة الحواجز الراسمة للحدود، فنحن نرى أيضاً الدواليب كحواجز، وقد نفذها بعلبكي أيضاً من «زجاج مورانو».
لكن من أين أتى العنوان؟ يشرح الفنان الشاب أصل اختيار «حدود الدماء»: «هو عنوان مقال لجنرال أميركي يدعى رالف بيترز كتب تقريراً عام 2006 ونشر عام 2012 . هذا التقرير موجه للدولة الأميركية يطالبها بتصحيح الحدود/ الأخطاء التي ارتكبها الأوروبيون عبر تقسيم المنطقة من هنا إلى أفغانستان وغيرها... يتكلم عن الظلم الذي لحق بالإثنيات والأقليات. يقول لهم إن بعض الجماعات كالأكراد (مثالاً لا حصراً) قد ظلموا في هذا التقسيم، فصححوا هذا الموضوع. لقد شعرت أن هذا التقرير يجب أن يقرأ ضمن إطار ما يحصل الآن في بلادنا بصرف النظر عما إذا كان هذا الجنرال أميركياً، وما هو مراده من التقرير، أو في أي موقع هو». هكذا اذاً بين أنواع الحواجز الراسمة للحدود والدموية عبر التاريخ، وتحول هذه الحدود، كان بعلبكي يخيط أو يحيك البنيان الفكري لمعرضه/ راسماً تحول الحدود ومنطقها، وصولاً إلى «منطقة خالية من الأعلام» No Flag Zone، حيث يمكن للزائر اعتباره معرضاً إضافياً مصهوراً بحنكة وسلاسة ضمن المعرض.

منطقة خالية من الإعلام

هنا الحواجز داخلية والحدود ليست ظاهرة كما يخيَّل للكثير من الزوار. أكثر من 20 لوحة تمثل أعلاماً تُحرق، ليست فعل حرب على محتلّ أو عدو خارج الحدود. يوضح بعلبكي لـ «الأخبار»: «كنت أتابع الأحداث في مختلف البلدان وكمية الظلم التي تلحق بالناس بسبب غطرسة الامبراطورية، وقد بدت لي أكبر بكثير من قصتنا الشخصية حصراً. كانت الأعلام تحرق في مناطق كثيرة في العالم ومن اتجاهات عديدة. رسمتها، وحفظت كل حدث وتاريخه (ربما أضع عناوينها لاحقاً في كتاب)، لكن المفارقة أن العلم النازي مثلاً، كان يحرق في اليونان ضد قدوم أنجيلا ميركل، حرقه الأناركيون حينها. حتى العلم الإسرائيلي أحرقه يهود مناهضون للصهيونية. والعلم الأميركي كان يحرق في أميركا نفسها ضد العنصرية. فالأعلام هنا تشكل عجينة ممزوجة واحدة، وهي مرتبطة بفكرة الحدود بشكل وثيق. باعتقادي، هناك شكل من نهاية لفكرة الحدود اليوم أو أننا مقبلون على ذلك، سواء أكانت حدود «الدولة الأمة» أو حتى فكرة «الهوية». كلها يتم إعادة النظر فيها اليوم».

«بلوباك»

«أشعر أن الشعوب تضيع أحياناً في التفاصيل، فلا تستطيع أن تعي أنّ الهزة الحاصلة عندنا اليوم في المنطقة، إنما هي ردة جاءت نتيجة أكثر من مئة عام من تقسيم المنطقة». هكذا يدخل بعلبكي في صلب الموضوع بلا مناورة. ويضيف: «كلمة blowback، تستعمل في الفيزياء للتعبير عن الفعل وردة الفعل. لكن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية استعملتها بشكل خاص، للدلالة على النتيجة العكسية التي تتأتى من فعل سياسي ما، والنية التي تترافق معه وترددات هذه النتيجة العكسية. لذا، فهذه اللوحات/ الأحداث التي قدمتها مربوطة بشكل وثيق بمجموعة «حدود الدماء» ومجموعة «منطقة خالية من الاعلام». الربط بين كل حدث وحدث، بين تكسير طائرات الـ «ميدل إيست»، وانفجار السفارة الأميركية، والقرار 1559... كلها سلسلة من الارتدادات، الى أن نصل إلى المشهد الكبير في حمص. أعتقد كلها أشبه بفعل ورد فعل، أو سقوط سياسي، أو شكل من الانتقام...».
لوحات عملاقة يصل بعضها إلى ثمانية أمتار عرضاً، يحار فيها النقاد وعشاق الفن. الراعي ومقتني الأعمال الفنية باسل دلّول، صاحب أكبر مجموعة خاصة من الفنون العربية الحديثة والمعاصرة في العالم، المنوي تحويلها إلى متحف، يملك إجابة واضحة وقاطعة لخّصها لنا: «أعمال أيمن ذات مستوى عالمي. ضربات ريشته الهية وتأليفاته مذهلة! معرضه الحالي تطور طبيعي لأعماله السابقة. الشاب الذي ترعرع في بيروت الممزقة بالحرب، شهد على الدمار الذي تعرضت له أجزاء متعددة من المنطقة في السنوات الأخيرة، كلها تصبغ أعماله بشكل واضح. لوحات أيمن وتجهيزاته من الأعمال الطليعية التي ستعيد لبنان إلى الموقع الريادي في المنطقة!». لقد أصاب باسل دلّول بتعليقه، فبعلبكي الذي نشأ وترعرع وسط الحرب والدمار، نسج من ذاكرتنا وذاكرته سلسلة معارك المنطقة تدريجاً في لوحات مشهدية من بيروت الحرب وصولاً إلى طهران 2011، يوم أعلنت بريطانيا إغلاق سفارتها في إيران عبر لوحة تصل إلى ثلاثة أمتار عرضاً، مروراً بحمص عبر لوحة تصل إلى ستة أمتار عرضاً.
رحلة بصرية تاريخية تعيد ترسيم حدود المنطقة كما رسمها الرصاص والنار

ألم يقل الفنان الألماني أنسلم كيفر «إنّ التاريخ يتحدث للفنانين، يغيّر تفكيرهم، ويعيد تشكيلها دورياً إلى صور مختلفة وغير متوقعة؟». هذا القول يتجسّد في المعرض، فمن يمشي في «بلوباك» أيمن بعلبكي، يشعر كأنه أمام شريط سينمائي يستعيد تاريخ المنطقة بمعاركها وحروبها التي نمّطت ذاكرتنا البصرية. الرحلة في ذاكرة بيروت الحربية، تبدأ من تفجير السفارة الأميركية التي خصص لها بعلبكي أكثر من لوحة (تصل إحداها إلى أربعة أمتار عرضاً)، مروراً بالبرلمان اللبناني، ثم حادثة تفجير طائرات الـ «ميدل ايست» عام 1976 في أكثر من لوحة تصل إلى أربعة أمتار (انضمت إحداها إلى مجموعة دلّول الخاصة) لنصل إلى تقاطع السوديكو ومبنى بركات الشاهد على تلك الحقبة من الحرب بلوحة تصل أيضاً إلى أربعة أمتار عرضاً. يكمل الزائر رحلته السينمائية في بيروت ليصل إلى المبنى البيضاوي الذي كان يعرف بالـ «سيتي سنتر» أو «الدوم» أو «سينما سيتي». هو أيضاً من المعالم الشاهدة على الحرب اللبنانية، يجسده بعلبكي بلوحة تصل إلى أربعة أمتار عرضاً (هي بطاقة الدعوة للمعرض)، مع ضوء نيون في وسطها، يشير إلى انتهاء العرض The End، وقد أعطاه بعلبكي عنوان «أسدل الستارة» Draw The Curtain.
رحلة بصرية تاريخية تعيد ترسيم حدود المدينة كما رسمها الرصاص والنار، لكن بعلبكي يعيد ترسيمها بعجينته الزيتية أو الاكريليكية أو تقميشاته الشهية التي عمل على تكثيفها وتطويرها خلال أكثر من عامين محدِّثاً تقنياته، ومستغنياً في بعضها عن الريشة ليغمس يده في اللون ويضعه على لوحته من دون وسيط. تضاف إلى كل هذا قفزة نوعية في لعبة القريب والبعيد، فقد فهم أيمن أبعاد العمل على مساحات ضخمة، فرسمها لمتلقٍ قريب ومتلقٍ أبعد. المقتني والراعي الفني جوني مقبل الذي كان أول مَن اقتنى أعمال بعلبكي، يطرح إشكالية إضافية عن أهمية هذه اللوحات والتجهيزات. يقول لنا: «أعمال أيمن قد تكون سيزيفية. قبل أن ينتهي من إسقاطات ذاكرتنا على لوحاته، يجد نفسه أيضاً غارقاً في موجاتها التالية والتالية حتى اللامنتهي، لأنّ مَن يفترض أن يسمعوا ويفهموا، غارقون في عاداتهم وأصمّوا آذانهم».
هل تصل رسائل أيمن اليوم إلى من يصمّون آذانهم ويغلقون عيونهم؟ هل سيرى بعضهم المشهد كاملاً؟ هل سينتبه الغارقون في التفاصيل؟ «ماذا يفعل الفنان؟» يقول انسلم كيفر أيضاً إنّه يرسم روابط وصِلات. يربط الخيوط الخفية بين الأشياء، ويغوص في التاريخ... أليس هذا ما ترجمه أيمن بعلبكي في معرضه؟

* «بلوباك» أيمن بعلبكي: حتى 26 تشرين الثاني (نوفمبر) ــ «غاليري صالح بركات» (كليمنصو) ـ للاستعلام: 01/365615




كواليس التحضير

تحية وثلاثة عناوين/ شعارات، تدل على وعي أيمن بعلبكي السياسي ونضجه الفني الملتزم من «حدود الدماء» مروراً بـ «منطقة خالية من الاعلام» وصولاً إلى الكل: «بلوباك». هذا الفنان البارع الذي يسيطر ويتحكم بالمادة اللونية ويوزعها على لوحته بطريقة «حدسية» - كما ذكر وضاح فارس في كاتالوغ المعرض ــ يؤكد لـ «الأخبار» أنّه لا يترك حدسه يعمل وحده، بل إنّ لعقله وذهنه المتقد الحصة الأكبر من الوقت مع تحفه الفنية: «أنا بحاجة كبيرة لأن أتأمل قبل أن أقدم على خطوة عملية في اللوحة. الوقت الذي أعمل فيه هو أقل بكثير من الوقت الذي لا أعمل فيه. فهمت لاحقاً أنّ هذا هو شكل من الإيقاع».
اجتهاد لا يقتصر فقط على أيمن، بل يشمل طاقماً كاملاً يدعمه، هو بالتحديد أسرة «غاليري صالح بركات». هذا ما يؤكده أيمن: «دعم أسرة الغاليري هو نقطة جوهرية. كل فريق الغاليري يبذل جهوداً في هذا الإطار، لكن كي نتكلم عن الفعل الاساسي، فهو بالتأكيد لصالح بركات الذي دفعنا بقوة في هذا الاتجاه أي تنفيذ لوحات ضخمة. باعتقادي، كان ذلك اختباراً، فربما لم نكن على استعداد للعمل على سلم قياس أكبر من ذاك الذي كان في «غاليري أجيال» (يملكها بركات أيضاً ـ الحمرا) حيث كنّا مقيدين، وكان يستحيل عليّ أن أنفّذ لوحة من أربعة أمتار، كي لا أقول ستة أمتار. بالتالي، كانت مبادرة صالح بركات في افتتاح «الغاليري الجديدة ذات المساحة الكبيرة الفعل الأهم في اللعبة. ثم جاء الرد منّا، نحن الفنانين. كنا كمن يلعب معه بينغ-بونغ. بداية، أقيم معرض نبيل نحاس ثم معرضي، ثم سيأتي عارضون آخرون. أتخيل أننا رفعنا المقاييس للقادم من الأعمال. أذكر أنني عندما بدأت العمل لهذا المعرض، أخذت في الاعتبار المكان الجديد، فقد أصبح بإمكاني أن أعرض الأعمال الكبيرة».
سنتان كاملتان ونيفٍ من التحضير المكثف، لكن أيمن يسرُّ لـ «الأخبار» بأنّ هناك مجموعة إضافية من اللوحات (الوجوه) التي كانت جاهزة للمعرض لكنه استبعدها. «بصراحة لم أكن أعلم كم عدد الأعمال التي أنجزتها للمعرض. لم أكن أعلم إن كنت مقصراً أم أنني قد نفذت لوحاتٍ زائدة. وفي الواقع، لقد اضطررت لاستبعاد مجموعة من الأعمال. للحظة، كنتُ خائفاً أن يبتلع هذا المكان الواسع اللوحات. هو يشكل فعلاً مساحة لمتحف».
هنا نستذكر قولاً لبيكاسو: «نعم، الفن خطِر. وإن كان مجانياً سهلاً، فهو ليس فناً». لقد خاطر أيمن بعلبكي راداً على خطوة صالح بركات التصعيدية. وكانت النتيجة «فناً» متحفياً وأعمالاً ريادية، ففاز اللاعبان وعادت بيروت نبض الحدث الفني في المنطقة.




الفنان في سطور

ولد أيمن بعلبكي عام 1975 في بيروت وحصل على دبلوم دراسات عليا في الرسم والنحت من معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية (1994-1998)، تابع دراسته الفنية في باريس، حيث حصل على دبلوم في فن الفضاءات (2001-2003) من المعهد العالي الوطني للفنون الزخرفية. لاحقاً، حصل على دبلوم دراسات معمقة في «فن الصور والفن المعاصر» (2002-2003) من «جامعة باريس 8».