جنين | عادت جنين إلى تَصدُّر المشهد الفلسطيني، بعد ساعات دامية جديدة تخلّلتها اشتباكات مسلّحة واسعة، وسط فشل إسرائيلي في الوصول إلى مقاومين مطلوبين يطاردهم «الشاباك» منذ عدّة أشهر. وتسلّلت قوّة خاصّة إسرائيلية، في وقت مبكر من صباح أمس، بمركبة مدنية إلى داخل مخيّم جنين، فيما اعتلى عدد من القنّاصة أسطح مبانٍ مرتفعة، ثمّ تبع ذلك اقتحام عدد كبير من آليات جيش العدو المخيم، قبل أن يبدأ الجنود محاصَرة عدّة منازل في شارع مهيوب في الجهة العلوية. وبحسب مصادر مطّلعة تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن العملية العسكرية الإسرائيلية كانت تستهدف المطارَدين صهيب ويزن مرعي، وبراء لحلوح، لكن العدو فشل في اغتيالهم أو اعتقالهم، وعاد أدراجه خائباً، علماً أن صهيب ينتمي إلى حركة «الجهاد الإسلامي» ويزن إلى حركة «حماس»، وكانت أجهزة أمن السلطة اقتحمت منازل تعود إلى أقاربهما نهاية الشهر الماضي واعتقلت المطارَد أدهم مرعي.وبعد وصول نبأ حصار المنازل، اندلعت اشتباكات مسلّحة في أكثر من حيّ ومنطقة في جنين ومخيمها، منها: شارع الزهراء، حيّ الهدف، منطقة مسجد محمود طوالبة. وتخلّلت الاقتحامَ الإسرائيلي مواجهاتٌ شعبية عنيفة مع عشرات الشبّان الفلسطينيين، وإلقاء قنابل محلّية الصنع تجاه القوّة المقتحِمة، فيما أكدت وسائل إعلام إسرائيلية إصابة أحد جنود الوحدة الخاصة «دوفدوفان» بجروح خلال الاشتباكات. وازدادت المواجهات ضراوة قبيل انسحاب جيش العدو، واستشهد خلالها الشابّان يزيد نضال السعدي وسند خليل أبو عطية، بينما أصيب 15 آخرون، ثلاثة منهم حالتهم خطيرة، واعتُقل كلّ من: بركات شريم، شقيق الأسير محمود شريم المّتهم بالمساعدة في حفر «نفق الحرية»، وكمال لحلوح، والد المطارَد براء لحلوح.
يُعدّ الشهيد يزيد السعدي أحد المقاومين العاملين ضمن صفوف «كتيبة جنين» في «سرايا القدس»


ويُعدّ الشهيد يزيد السعدي أحد المقاومين العاملين ضمن صفوف «كتيبة جنين» في «سرايا القدس»، وتربطه علاقة قوية بالشهيد نور الدين جرار وعدّة شهداء آخرين، وسبق أن عمل «كجندي مجهول»، وخاض اشتباكات مسلّحة مع جيش العدو في الأشهر الماضية. أمّا الشهيد سند أبو عطية، فمن كوادر «الجهاد»، وأحد فتية المواجهات الشعبية ضمن مجموعات القنابل المُصنَّعة محلّياً والحجارة. ونعت الفصائل الفلسطينية الشهيدَين، فيما أعلن الأمين العام لـ«الجهاد»، زياد النخالة، الاستنفار في صفوف مقاومي «سرايا القدس» في كلّ مكان، ردّاً على اقتحام مخيم جنين وقتل الشابَّين. وشاركت في تشييع الشهيدَين جماهير غفيرة من الفلسطينيين، ومسلّحون من «سرايا القدس»، و«كتائب شهداء الأقصى»، و«كتائب القسام»، فيما توعّد مقاومون من «كتائب الأقصى»، في بيان لهم، بالتصدّي لاقتحامات جيش العدو للمخيم.
وبينما كانت رحى الاشتباكات المسلحة تدور في شمال الضفة الغربية، وقعت عملية طعن في جنوبها قرب مستوطنة «غوش عتصيون»، حيث طعن الشاب نضال جمعة جعافرة، قبل استشهاده، مستوطناً، وأصابه بجروح خطيرة داخل حافلة إسرائيلية، ثمّ اقتحم جيش العدو منزل جعافرة في بلدة ترقوميا غرب الخليل، ودارت مواجهات بين الشبّان وجنود الاحتلال في البلدة. وفي الوقت نفسه، شهدت عدّة مدن وقفات داعمة لجنين، أبرزها في مدينة نابلس، للتنديد بقتل الشهيدَين، وتأكيد وحدة الشعب الفلسطيني في مواجهة العدو. ويُجمع مراقبون على أن العمليات الفدائية ضدّ جيش الاحتلال وحواجزه ستستمرّ، في ظلّ وجود عدد كبير من المطلوبين له في جنين ومخيمها. وفي المقابل، سيشكّل هؤلاء مصدر قلق دائماً، ستحاول إسرائيل إزالته عبر عمليات اقتحام خاطفة ستستمرّ في الأسابيع المقبلة. كما أن عملية «بني براك» التي نفّذها الشهيد ضياء حمارشة، وقَتل فيها 5 إسرائيليين، يبدو أنها شكّلت دافعاً رئيساً لتسريع العدو شنّ عملية عسكرية خاطفة في جنين، بهدف تحييد أكبر عدد ممكن من المطلوبين استدراكاً لاحتمال تنفيذهم عمليات جديدة.