في ما يأتي نص برقية أرسلها السفير الإماراتي في بيروت إلى بلاده يوم 10 تشرين الثاني 2017، يتحدّث فيها عن مبادرات حل أزمة اختطاف الرئيس سعد الحريري في السعودية:
ملخص تنفيذي عن دخول لبنان مرحلة جديدة شديدة الحساسية والتعقيد بعد استقالة الرئيس سعد الحريري:
لم تؤدِّ حركة المشاورات الكثيفة التي تجرى منذ أكثر من 5 أيام على مختلف الصعد والاتجاهات، إلا في احتواء وحصر تداعيات الاستقالة والتخفيف من وقعها ووطأتها، ومن دون أن تبلور حلولاً للأزمة وخريطة طريق للخروج منها. وحتى الآن تبرز أفكار ومقترحات وترسم خطوط عريضة وسقوف عالية تنذر بمواجهة سياسية غير مسبوقة.
برز الموقف المصري المغاير لسياسة السعودية وذلك من خلال التصريحات التي أعرب عنها الرئيس عبد الفتاح السيسي. وكانت معلومات أشارت إلى أن الرئيس السيسي، وفي خلال لقائه مع الرئيس نبيه بري في شرم الشيخ بحضور مسؤولين كبار، دعا إلى التهدئة والمحافظة على الاستقرار في الداخل اللبناني. وحمّل بري رسائل ثلاثاً للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله: أن لا يرد في خطابه على الحريري، أن لا يستفز الشارع السني، وأن لا يستفز حزب الله إسرائيل بغية عدم إعطائها أي ذريعة. وطلب منه الرئيس بري المساهمة في رد أي تداعيات محتملة تنتج من الاستقالة، فكرر الرئيس المصري تمسك بلاده باستقرار لبنان وسيادته وأمنه الداخلي.
يعول الموقف الأوروبي على إجراء استشارات نيابية وتأليف حكومة جديدة من دون حزب الله كما محاولة تحسين شروط التسوية لتشكيل حكومة جديدة تستند إلى: وقف الحملات ضد السعودية، خروج أو وعد بخروج "حزب الله" من الساحات العربية، إعادة إحياء طاولة الحوار للبحث باستراتيجية دفاعية وطنية، الالتزام بما يسمى بـ«مفهوم حزب الله» (لبننة الحزب)، وهو تعبير جديد يحمل تفسيرات كثيرة.
دخلت فرنسا على خط الأزمة اللبنانية من خلال سفيرها الحالي الذي عمل على إنجاح وساطة تقوم على قبول استقالة الحريري والذهاب نحو تشكيل حكومة تكنوقراط لا يشارك فيها حزب الله، لكن هذا المسعى اصطدم بعائقين:
الأول: لبناني وهو رفض الاستقالة قبل عودة الحريري من الخارج.
الثاني: سعودي، إذ إن السعودية لن ترضى بتشكيل حكومة لا تضم حزب الله فقط، فيما الحزب يحافظ على سلاحه ونشاطه، بمعنى أن الشرط السعودي يبلغ حدّ منع الحزب من المشاركة في القتال في سوريا واليمن وتسليم سلاحه، أو وضعه على سكة الحل، وعدم احتضان المعارضات الخليجية في بيروت (تحويل لبنان منصة لشخصيات معادية لدول الخليج).
يمكن الربط بين الوساطة الفرنسية وزيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لأبو ظبي أمس ولقاءه ولي العهد سمو الشيخ محمد بن زايد، وتنقل مصادر مقربة من آل الحريري أن العائلة تلقت بارتياح تدخل سمو الشيخ محمد لدى الرئيس الفرنسي واقناعه بالسفر إلى السعودية والضغط على ولي العهد السعودي لإعادة الحريري إلى لبنان.
ينتظر ما سيتبلور عن اللقاءات التي سيجريها الوزير ثامر السبهان في واشنطن، خصوصاً أنها تأتي في ظروف شديدة الدقة والحساسية وما سينتج منها سيحدد الموقف الرسمي الأميركي، خصوصاً أن الخطوات السعودية لن تكون بمعزل عن القرار الأميركي الذي جدد وصف "حزب الله" بأنه "منظمة إرهابية».
د. حمد سعيد الشامسي
السفير
10/11/2017