غريب: بومبيو أتى ليفرض تعليماته بتوطين اللاجئين الفلسطينيين تنفيذاً لصفقة القرن
توقيت الاعتصام كان قد حُدّد عند الخامسة عصراً، ولكن لم يكن قد حضر بهذه الساعة سوى عدد قليل من الأشخاص. زحمة السير الخانقة، بسبب مغادرة أكثرية الناس وظائفهم والأعمال على جسر جلّ الديب، أدّت دوراً في تأخر وصول المشاركين. مثلاً، وفد التنظيم الشعبي الناصري وصل من صيدا، عند السادسة والنصف، بعد أن كان الاعتصام قد انتهى. وقد نُصح مُشاركون آخرون، علقوا بزحمة السير، بالرجوع من حيث أتوا وعدم الإكمال باتجاه ضبية. كذلك فقد كان متوقعاً ألّا تكون نسبة المشاركة مرتفعة، لأنّ الخميس يوم عمل، ويتعذّر على قسم من الحزبيين والمناصرين أن ينتقلوا من مناطقهم إلى عوكر. «كنا أمام خيارين: إما أن نُنظم شيئاً، أو لا، ولكن لم تكن لتمرّ زيارة بومبيو من دون رسالة اعتراضية»، يقول أحد المنظمين الشيوعيين. أقفلت القوى الأمنية الطريق الداخلية في ضبية، مانعةً مرور السيارات باتجاه ساحة عوكر. التعزيزات بدأت منذ ظهر أمس، ما أدّى إلى ارتفاع نقمة أصحاب المحال التجارية، الذين راهنوا على مناسبة عيد الأم لرفع مبيعهم. ولكنّهم عوض أن يوجهوا سهامهم بالاتجاه الصحيح، لاموا المعتصمين على اختيار هذا التوقيت. بدأ المشي من ضبية باتجاه ساحة عوكر، قبل أن يصل الأمين العام لـ«الشيوعي» حنا غريب، ويرى البوابة الحديد التي وُضعت، مُزنرة بالأسلاك الشائكة، للحؤول بين المعتصمين ومقرّ السفارة الأميركية. عناصر الدفاع المدني وقفوا «يحرسون» البوابة الحديد من الخلف عوض أن يكونوا داخل عرباتهم، حامين أنوفهم بأقنعة سوداء، ويُصورون «الحدث». خلفهم، كان عناصر مكافحة الشغب، وبين عشرات المعتصمين لوحظ وجود عناصر أمنيين وعسكريين.
ألقى غريب كلمة الاعتصام، بنبرةٍ هادئة، موضحاً أنّه «نُعلن موقفاً وطنياً مقاوماً ضدّ زيارة بومبيو، لما تحمله من أخطارٍ كبيرة». فوزير الخارجية الأميركي، يأتي إلى لبنان «ليفرض تعليماته بتوطين اللاجئين الفلسطينيين تنفيذاً لصفقة القرن، ويفرض على لبنان ترسيم الحدود البحرية بما يتناسب مع مصلحة الكيان الصهيوني في نهب الثروة النفطية، ولمنع عودة النازحين السوريين، ومنع لبنان من المشاركة في إعادة إعمار سوريا ومواصلة الشرخ بين البلدين الشقيقين، وأيضاً للتحريض على خيار المقاومة وحصارها، ورفض تسليح الجيش اللبناني إلا من خلالهم (واشنطن)». وأضاف غريب أنّ بومبيو «يستخدم الأزمة الاقتصادية - المالية لفرض المزيد من الضغوط والقبول بشروطهم، ما يُشكل تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية». الاعتصام أمام سفارة الولايات المتحدة، يأتي تأكيداً لكونها «رأس الإرهاب العالمي، ويجب مقاومتها. إنها عدوة الشعوب والراعية للكيان الإسرائيلي، وسفارتها رمز للعدوان والغطرسة».
انتهى الاعتصام بـ«سلام»، من دون حصول أي اشتباك. ولكنّ المعتصمين حرصوا على رفع العلمين الفلسطيني و«الشيوعي» على الشريط الشائك، مع صور الشهداء الفلسطينيين عمر أبو ليلى وباسل الأعرج وأحمد جرار، صادحين: «يا أمريكي اسمع اسمع، مشاريعك ما رح تقطع». ولا تمرّ مناسبات كهذه من دون توجيه تحية إلى المقاوم جورج إبراهيم عبد الله. رُدّد هتاف: «جورج عبد الله علّمنا، ما منساوم على وطننا».