وقّع الاتحاد الأوروبي واليابان اليوم، في طوكيو، اتفاقاً طموحاً للتبادل الحر (جيفتا)، يعتبر بمثابة «رسالة قوية» ضد الحمائية التي ينتهجها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.فقد صرّح رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، ورئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، في بيان: «نحتفل بتوقيع اتفاق تجاري طموح جداً بين اثنين بين أكبر اقتصادات العالم»، مشيدين بـ«يوم تاريخي».
وقد شدّد المسؤولون الثلاثة، مطوّلاً، في مؤتمر صحافي مشترك، على دورهم كحاملي لواء التبادل الحر في الوقت الذي يخيّم فيه ظل تهديد ترامب بحرب تجارية في العالم، إذ رأى آبي أن توقيع الاتفاق «يظهر للعالم الإرادة السياسية الثابتة لليابان والاتحاد الأوروبي لقيادة العالم كرائدين للتبادل الحر في زمن تنتشر فيه الحمائية».
بدوره، علّق توسك بأن الاتحاد الأوروبي واليابان يوجهان «رسالة واضحة بأننا نقف صفاً موحداً بوجه الحمائية»، بينما قال يونكر في السياق نفسه «إننا نظهر أننا أقوى وأفضل موقعاً حين نعمل معاً»، مضيفاً أنه «ليس في الحمائية حماية».
ومن المقرر أن يُحال الاتفاق بحلول نهاية العام إلى البرلمان الأوروبي حتى يدخل حيّز التنفيذ عام 2019، إذا صادق عليه البرلمان الياباني سريعاً. وخلافاً للاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وكندا، والذي تعترض عليه إيطاليا حالياً، فإن اتفاق التبادل الحر ليس بحاجة إلى مصادقة كل برلمانات الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ليصبح سارياً.

أهم اتفاق أوروبي
ينص اتفاق التبادل الحر بين اليابان والاتحاد الأوروبي (جيفتا)، الذي قال عنه المتحدث باسم المفوضية الأوروبية، مارغاريتيس سكيناس، إنه «أهم اتفاق فاوض عليه الاتحاد الأوروبي حتى الآن»، على إقامة منطقة تبادل حر تشمل نحو ثلث إجمالي الناتج الداخلي العالمي.
من الجانب الأوروبي، يعتبر قطاع الصناعات الغذائية الرابح الأكبر من المفاوضات، إذ يلغي الاتفاق الرسوم الجمركية عن جميع المواد الغذائية تقريباً، على أن يطبق ذلك بالنسبة لبعض المنتجات بعد فترة انتقالية.
كذلك، توصل الطرفان إلى تسوية حول مسألة حساسة هي مسألة مشتقات الحليب ولا سيما الأجبان المستوردة من دول الاتحاد الأوروبي، على أن يتم خفض الرسوم الجمركية اليابانية العالية عليها تدريجياً.
وسيحصل اليابانيون بموجب الاتفاق، على إمكانية وصول السيارات التي ينتجونها بحرية إلى السوق الأوروبية، إنما بعد فترة انتقالية تمتد بضع سنوات.

شكوى أميركية
في هذا الوقت، وبعدما حذر صندوق النقد الدولي من أن التوترات التجارية القائمة بين بعض الدول قد تهدد في المستقبل القريب النمو الاقتصادي في العالم، أعلنت واشنطن أنها رفعت شكوى أمام منظمة التجارة العالمية في حق كل من كندا والصين والمكسيك والاتحاد الأوروبي وتركيا. جاءت الشكوى بسبب إجراءات اتخذتها هذه الأطراف، رداً على الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على وارداتها من الألمنيوم والصلب.
الممثل الاميركي للتجارة، روبرت لايتزر، قال إن «الرسوم الجمركية الأميركية التي فرضها الرئيس ترامب على الصلب والألومنيوم في وقت سابق من هذا العام، هي مبررة بحسب الاتفاقات الدولية التي أبرمتها الولايات المتحدة مع شركائها التجاريين». وأضاف أن الاجراءات التي اتخذها ترامب «قانونية بالكامل ومبررة تماماً سواء بالنسبة إلى القانون الأميركي، أم إلى قواعد التجارة الدولية».
في المقابل، فإن الاجراءات الضريبية التي اتخذها الشركاء التجاريون للولايات المتحدة ليس لها، في نظر المسؤول الأميركي، أيّ أساس في قواعد التجارة العالمية. وقال لايتزر: «هذه الرسوم الجمركية يبدو أنها تتعارض مع الالتزامات التي قطعها أعضاء منظمة التجارة العالمية، بموجب اتفاقية منظمة التجارة العالمية».

بداية الأزمة
فرضت واشنطن، في مطلع آذار/ مارس، رسوماً جمركية بنسبة 25% على وارداتها من الصلب و10% على تلك من الألمنيوم، فردّت بكين في نيسان/أبريل بفرض رسوم تراوح بين 15 و25% على بضائع أميركية.
أما الاتحاد الأوروبي، فردّ من جهته بفرض رسوم تراوح بين 10 و25% على واردات أميركية بقيمة 3,2 مليار دولار سنوياً، وذلك اعتباراً من 22 حزيران/يونيو.
بدورها، فرضت تركيا اعتباراً من 21 حزيران/يونيو رسوماً جمركية تراوح نسبتها بين 4 و70% على واردات أميركية قيمتها 1,8 مليار دولار سنوياً.
بالنسبة إلى كندا والمكسيك اللتين ترتبطان مع الولايات المتحدة بمعاهدة «نافتا» (التبادل التجاري الحر في أميركا الشمالية)، فقد فرضت الأولى رسوماً تراوح بين 10 و25% على 12,7 مليار دولار من الواردات الأميركية سنوياً، بينما فرضت الثانية رسوماً تراوح بين 7 و25% على 3,6 مليار دولار من الواردات الأميركية سنوياً.