الخرطوم | لم تفلح الاجتماعات التي عقدتها السلطات الحاكمة في السودان لبحث نتائج لقاء رئيس «مجلس السيادة» الفريق عبد الفتاح البرهان، رئيس حكومة العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في عنتيبي الأوغندية، في حسم الموقف بوضوح من هذه الخطوة التطبيعية، فيما استمرّ الجدل بين الأطراف المختلفة على مسائل لا تمسّ جوهر الموضوع. وفي هذا الإطار، نفى وزير الثقافة والإعلام، فيصل محمد صالح، أمس، صحة حديث البرهان حول علم رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، باللقاء قبل يومين من موعده، قائلاً إن «رئيس مجلس السيادة أكد، خلال الاجتماعات التي عقدت معه، أنه لم يستشر أحداً، وأنه يتحمل المسؤولية وحده». وأضاف صالح إن البرهان قال لهم إنه «لم يقدم وعوداً بالتطبيع أو إقامة علاقات دبلوماسية»، مبدياً استغرابه من كلام الرجل أول من أمس الأربعاء في مقرّ القيادة العامة للجيش، حيث قدّم إفادات مختلفة عما ذكره في اللقاء المشترك مع الحكومة. وجاءت هذه التصريحات في وقت أفيد فيه عن أن نائب البرهان، الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) يقود مع عضوَي «مجلس السيادة» صديق تاور وعائشة موسى محمد، ما وُصف بأنه «وساطة» بين البرهان وحمدوك الذي استقبل الشخصيات المذكورة في مكتبه أمس.
يبدو واضحاً أن الخلافات بين المكوّنين العسكري والمدني جرى احتواؤها

ويرى مراقبون أن البيانات والبيانات المضادّة وما يرافقها من خطوات من قبيل ما سُمّيت «وساطة» إنما هي إغراق للشارع في التفاصيل، وخاصة أن أحداً من القوى الوازنة لم يعلن رفضه مبدأ اللقاء، أو يدعُ الجماهير إلى التظاهر. وفي هذا السياق، يقلّل الكاتب عبد اللطيف البوني من ظاهر الخلاف بين المكوّنين المدني والعسكري حول لقاء البرهان ــــ نتنياهو، معتبراً في حديث إلى «الأخبار» أنه من الأداء الأخير لا يخفى أن «المسألة مرتّبة ومتفق عليها على مستوى عالٍ، لكن في دائرة ضيقة... كشْف نتنياهو للزيارة هو ما أربك المشهد وأظهر الانقسام». وفيما يسود اعتقاد بأن البرهان أقدم على خطوته تلك في إطار السعي إلى استرضاء الولايات المتحدة ودفعها إلى رفع السودان من قائمتها لـ«الدول الراعية للإرهاب»، يستبعد محللون من منظور المصلحة تحقّق ذلك ما لم تُقدِم الخرطوم على تطبيع كامل مع تل أبيب، بل إن رئيس حزب «الأمة القومي»، الصادق المهدي، وصف، في مؤتمر عقده أمس، فكرة أن «إسرائيل ستساعدنا في رفع العقوبات الأميركية» بأنها «وهم كبير». وفي الاتجاه نفسه، رأى السفير الأسبق والقيادي في حزب «المؤتمر الشعبي» الإسلامي، إدريس سليمان، في حديث إلى «الأخبار»، ما يدور الحديث عنه بأنه «صفقة خاسرة تأتي على حساب المبادئ والقرار المستقل»، لافتاً إلى أن «ما بدأه حمدوك من تنازلات للأميركيين، عندما وافق على تعويضات ضحايا السفينة كول، يكمّله البرهان بإعطائه إسرائيل شيكاً على بياض...».
وإذ دعا المهدي إلى «إغلاق الباب نهائياً أمام أيّ شكل من أشكال التطبيع»، مطالباً البرهان بالاعتذار عن لقائه نتنياهو، أعرب القيادي في «الأمة القومي»، صلاح مناع، في تصريح إلى «الأخبار»، عن اعتقاده بأن «الخلافات بين المكوّنين العسكري والمدني جرى احتواؤها»، على رغم سريان حديث في أوساط سياسية عن شروع قانونيين في مقاضاة البرهان لخرقه «الوثيقة الدستورية»، وإصدار «تجمع المهنيين»، أمس، بياناً جديداً وصف فيه تأييد الجيش خطوة رئيس «مجلس السيادة» بأنه «تجاوز خطير وانحراف عن مسار الثورة»، فضلاً عن مطالبة عضو اللجنة المركزية في «الحزب الشيوعي»، القيادي في «الحرية والتغيير» صديق يوسف، بـ«إبعاد الجيش كلياً عن السياسة»، واعتباره أن «تأييده لقاء عنتيبي يعني إعادة السودان إلى عهد الانقلابات العسكرية».