تأخر صرف تعويضات الأساتذة المكلفين أعمال الامتحانات الرسمية، الخطية والعملية، في التعليم المهني والتقني عن العام الدراسي الماضي 2017 - 2018، أكثر من شهر. المفاجأة كانت إعطاء رؤساء لجان الاختصاصات ونوابهم والأساتذة المصححين في شهادتي الامتياز الفني (TS) والإجازة الفنية (LT) تعويضاتهم مع رواتب كانون الثاني، من دون غيرهم من المراقبين والمصححين في اختصاصات الشهادات الأخرى، لا سيما البكالوريا الفنية (BT) والتأهيلية الفنية التحضيرية والتكميلية المهنية (BP).وكان القرار المتعلق بتعويضات أعمال المراقبة مثار جدل وأخذ ورد بين وزارة المال والمديرية العامة للتعليم المهني والتقني، طيلة الأسابيع الماضية، على خلفية اختراق سقف الإنفاق وتضخيم أرقام موازنة الامتحانات و«نفخ» اللجان بأعضاء لا عمل لهم، لأغراض سياسية وتنفيعية.
ووسط تكتم المديرية العامة عن الإدلاء بأي تفسير للأسباب الذي دفعت بوزارة المال إلى رد الملف نحو ثلاث مرات للمديرية، وحديث مصادر الوزارة عن أخطاء تقنية، علمت «الأخبار» أن تعويضات اللجان خُفضت بنسبة 30%. إذ اكتشفت الوزارة، بحسب مصادر الأساتذة، أنّ المديرية خصصت تعويضات لأشخاص بصفة مراقبين عامين ومراقبين عامين إداريين في الامتحانات، ومن بينهم عمال نظافة وحراس وسائقون وموظفون في المديرية وكانوا يداومون فيها وتقاضوا ساعاتهم الإضافية هناك، ولا علاقة لهم بأعمال الامتحانات، ما دفع الوزارة إلى الطلب من المديرية تقديم توصيف للمراقبين العامين.
المصادر تحدثت أيضاً عن إشكاليات لها علاقة بتغيير مهمات بعض الأساتذة من مراقبي صفوف إلى مراقبين عامين ورؤساء مراكز، بناءً على تدخلات سياسية، من دون إبلاغ وزارة المال التي فوجئت بأتعاب إضافية لم تكن مرصودة في قرار الامتحانات. كذلك جرى استحداث لجنة تضم 10 أشخاص مهمتها إعادة هيكلة الامتحانات من دون أن تكون ملحوظة أيضاً.
وتحدثت تسريبات عن تعويضات خيالية لرئيسي اللجنتين الفاحصتين في الامتحانات الرسمية المهنية وأعضائهما. وبما أنّ القانون يمنح المدير العام ضعفي أعلى تعويض يناله رئيس لجنة التصحيح، فإن المصادر تشير إلى أن المديرة العامة بالتكليف، سلام يونس، نالت تعويضات تلامس 156 مليون ليرة، لكون أعلى رئيس لجنة يتقاضى 39 مليون ليرة، فيما المهمات المتعلقة بالامتحانات الرسمية، بحسب الشهادات المعطاة، موزعة على لجنتين عليين تضم كل منهما 15 عضواً بدلاً من لجنة واحدة كانت تهتم في العادة بكل الشهادات، بهدف مضاعفة التعويضات.
رئيس رابطة أساتذة التعليم المهني والتقني، نضال ضومط، وصف ما يتداوله الأساتذة في شأن الامتحانات بـ«الشائعات غير الدقيقة»، وأوضح أن «كل ما في الأمر أنّ قرار الامتحانات تضمن مجموعة أخطاء تقنية تجري معالجتها تباعاً، وما ينجز يُصرف، بدليل أن البعض تقاضوا تعويضاتهم»، مشيراً إلى أنه «ليس هناك تضخيم في الأرقام، بل على العكس فإنّ موازنة هذا العام منخفضة عن موازنة العام الماضي».
الهواجس المثارة حول الامتحانات حملها مندوبو رابطة أساتذة التعليم المهني الرسمي إلى اجتماع الهيئة العامة للأساتذة الذي عقد في 19 كانون الأول الجاري في مجمع بئر حسن المهني. ولم يحضر الهيئة العامة سوى 20 أستاذاً من أصل 1600 أستاذ في الملاك. وقد طالب عدد من المجتمعين أعضاء الهيئة الإدارية للرابطة بدعوة التفتيش التربوي والمالي للتدخل لمعرفة الأسباب الكامنة وراء تخطي سقف الإنفاق في امتحانات التعليم المهني. إلاّ أن معظم الأعضاء رفضوا ذلك، بحسب الأساتذة، من دون إعطاء تبرير واضح للرفض. أما الأساتذة فأكدوا أنّه لا يجوز إعطاء تعويضات للبعض وحجبها عن البعض الآخر، إذ من غير المسموح أن يؤدي الموظف عملاً ولا يتقاضى بدلاً عنه، انطلاقاً من قاعدة: لا عمل بلا أجر.
المفارقة التي يتحدث عنها الأساتذة أنّ عدداً لا بأس به من أعضاء الهيئة الإدارية للرابطة هم إما رؤساء لجان في الامتحانات أو نواب رؤساء. وهم يسألون: أين الرابطة التي ستجري انتخاباتها الجديدة في كانون الثاني المقبل من الكلام على الصفقات والسمسرات التي تجري في قطاع التعليم المهني والتقني، وهل هي مستعدة فعلاً لفضح المخالفات القانونية؟