أرقام صادمة حملها تقرير حكومي صادر عن «الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء»، حول نتائج بحث الدخل والإنفاق والاستهلاك لعام 2017/2018، والتي تأجّل الإعلان عنها أكثر من 5 أشهر في ظلّ أنباء عن تدخل جهات سيادية من أجل تحسين النسب قبل إعلانها للرأي العام. واستثارت الأرقام المُعلَنة وعوداً من الوزراء والمسؤولين بتحسينها خلال السنوات القادمة، في محاولة لامتصاص الغضب الشعبي، خصوصاً أن نشر التقرير جاء بالتزامن مع تطبيق الحكومة إجراءات اقتصادية تستهدف معالجة الخلل في موازنة الدولة.وذكر التقرير أن نسبة المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر وصلت إلى 32.5% (مع تحديد 740 جنيهاً حدّاً أدنى لدخل الفرد شهرياً)، بزيادة 5% خلال عامين، ما يعني أن نحو 5.5 ملايين مصري دخلوا حديثاً تحت خط الفقر، منهم 6.2 ملايين يعيشون في «فقر مدقع»، نظراً إلى أن دخلهم الشهري أقلّ من 490 جنيهاً. وبالاستناد إلى التقرير، يتبيّن أن واحداً من بين كل ثلاثة مصريين يعيش تحت خط الفقر، علماً بأن الطريقة المصرية في احتساب هذا الخط تخالف المعايير المتّبعة لدى المؤسسات الدولية، حيث جرت العادة على احتسابه بما يعادل 1.9 دولارات للفرد، أي أكثر من 900 جنيه، وذلك بحسب البنك الدولي الذي تطبّق الحكومة الإجراءات الاقتصادية تحت إشرافه، الأمر الذي يعني أنه في حال اتباع تلك المعايير، فسترتفع النسبة إلى أكثر من 42%، وهي النسبة التي قيل إن الحكومة تراجعت عن إعلانها.
والفقر المادي، بحسب البحث، هو عدم القدرة على توفير الحدّ الأدنى من الاحتياجات الأساسية للفرد أو الأسرة، والمتمثلة في الطعام والمسكن والملابس وخدمات التعليم والصحة والمواصلات. أما خط الفقر القومي فهو تكلفة الحصول على السلع والخدمات الأساسية، بما ينسجم مع السلوك الاستهلاكي للفقراء، ويوفر السعرات الحرارية والبروتينات اللازمة لقيام الفرد بالنشاط الطبيعي، وذلك طبقاً لمفاهيم «منظمة الصحة العالمية» و«برنامج الغذاء العالمي».
ووصلت نسبة الفقراء الذين يعملون في القطاع الخاص إلى 28.5%، بعدما كانت 21% عام 2012، بينما بلغت النسبة في القطاع الحكومي 19% بعدما كانت 13% عام 2012، فيما تراجعت نسبة استهلاك اللحوم إلى 27.8%، مقابل 29.8% عام 2015. وسجّلت نسبة الفقر بين الحاصلين على شهادة ثانوي عام أو أزهري ارتفاعاً لتصل إلى 22.4%، مقابل 16.5% عام 2015، بينما ارتفعت النسبة بين الحاصلين على شهادات ثانوي فني إلى 28.6% مقابل 21.7% في العام المذكور. كذلك، سجّلت نسبة الفقر بين الحاصلين على شهادة فوق المتوسط 20.1% ارتفاعاً من 11.5%، في حين ارتفعت نسبة الفقر بين الحاصلين على شهادة جامعية إلى 11.8% من 7.1.%، وقفزت نسبة الفقر بين الحاصلين على شهادة أعلى من الجامعي إلى 5.5% من 2.9%، في وقت تفتخر فيه الحكومة بتخفيض نسبة البطالة.
وتصدّرت محافظات الصعيد المدن الأكثر فقراً. وبينما تراجع معدل الفقر في محافظة سوهاج إلى 59.6% مقابل 65.8% عام 2015، ارتفعت النسبة في العاصمة القاهرة إلى 31.1% مقابل 17.5% في العام نفسه، فيما قالت وزيرة التخطيط، هالة السعيد، إن النسبة طفيفة مقارنة بحجم الإصلاحات الاقتصادية التي جرى تنفيذها. أما متوسط دخل الأسر الأكثر إنفاقاً، والأغنى في الشريحة الإنفاقية، وفق وصف الجهاز، فقد ارتفع إلى 100.3 ألف جنيه سنوياً مقابل 81 ألفاً في 2015.